الجميع يمتلك في البيت مرآةً يستطيع أن يرى من خلالها معالم وجهه ومعانيه وتفاصيل جسمه دون الحاجة لأن يخبره بذلك أحدهم، في ظل صخب يوم متعب ومملوء بالمشاغل التي لا نهاية لها وروتين الحياة الممل تتسرب كلمة إلى أذنك "أنتِ حلوة" "شنو هالجمال" بهذا المصطلح البسيط المتداول بلغة الناس العامة معبرين فيه عن جمال الشخص، فترسم ابتسامة جميلة تملأ الوجه فيشعر الشخص وكأن نسمة باردة قد لمست خديه فانتعش أو ربما شخص لم يسمع كلاما لطيفا خلال يومه فتبهجه هذه الكلمة.
وآخر قد أكل الهم غلاف قلبه حتى وصل إلى اللب فسمع كلمة جميلة غيرت من مزاجه وصار ينظر إلى همه من زاوية أخرى علها تكون قد فرجت، أحياناً يستهان بها أو تؤخذ من باب الاستصغار مثل هذه الكلمات في حين أنها ذات وقع وتأثير كبير في نفوس أشخاص كثيرين، قد يستهان بها أو لا تحسب ضمن الكلمات التي لها تأثيراً ملموساً لكنها تفعل مثل اليد التي تواسي بالأخص عندما تأتي في وقت يكون الشخص في أشد حالات كآبته وانشغاله فيرى اهتماماً يجعله يشعر بإحساس جميل في تلك اللحظات حينها يكون مصداقاً لقول الرسول محمد "صلى الله عليه واله وسلم": (الكلمة الطيبة صدقة).
فالكلمة الطيبة لها دور كبير في تطييب النفوس وادخال السرور على القلوب وكسبها وادخار الحسنات المضاعفة لبيان أهمية حسن الخلق والكلام الجميل ومنها نرى تعدد أشكال الصدقات فهي لا تختص حصراً بالمال أو بالأشياء المادية الملموسة التي نتصدق بها على الفقراء ففي قوله "صلى الله عليه وآله" اتخذت الصدقة شكل الكلمة اللطيفة التي تطيب الخاطر ويؤجر عليها القائل بقدر جمالها وما تخلقه من حالة شفاء للأمراض النفسية وتزيد من قرب الله تعالى وزيادة نشر المحبة والسلام بين الناس، ومن جهة أخرى هناك صدقة شفافة تأتي مكملة لها وجعلت من سمات المؤمن عن الامام علي "عليه السلام" قوله: (بشر المؤمن في وجهه وحزنه في صدره).
تحقق الابتسامة في وجه المقابل أموراً منها أنها تشرح الصدر وتفتح مغالق القلوب وتزيد من السعادة وتخلق جواً من الطمأنينة التي تجعل المقابل يسترخي ويقلل من ثقل مايخافه وتحسب مكسباً لأنها تعد حسنة كما تجعل ترابط وثيق بين الأفراد وكأنها لغة سحرية تحرك أواصر المحيط بذرات السعادة المعدية، فالإبتسامة لاتكلف المرء شيئا فهي تحرك ثلاثة عشر عضلة من عضلات الوجه، بينما العبوس يستخدم خمسة وأربعين عضلة من عضلاته فهو يوتر هذا العدد من عضلاته ليصبح وجهه مقطبا قبيحا.
وهذا يعني أن الابتسامة تريح الأعصاب بينما العبوسية ترهقها ولا تعتبر من الصفات المحمودة التي جعلها الأئمة عليهم السلام في قوانين حياتهم فعنهم عليهم السلام ذكروا البشر في الوجه والطلاقة وحسن الكلام مع الناس والأسرة ضرورة رغم تقاطر الهموم والأحزان حتى لا يخسر المؤمن هذا الأجر والقرب اللطيف .
اضافةتعليق
التعليقات