في زقاق بني هاشم في المدينة المنورة، الأجواء تعبر عن حدث ما، ذلك البيت يحمل في جوفه مفاجأة، بيت النور سيتزين مرة أخرى...النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ينتظرها بكل شغف كي يحكي لها عن قصص الحب والوفاء...
امير المومنين علي (عليه السلام) يحسب الدقائق ليرى تلك المعززة، زينة أبوها وهل مثل علي يحتاج الى زينة؟، من هي اذا مليكة قلب علي وزينته؟
تلك التي تكون زيناً لأمير فرسان العرب بل العالم بأجمعه، فاطمة تشعر بطمأنينة، ستأتي تلك التي باستطاعتها أن تتكئ على جدار جسدها الصغيرة بكل شموخ ... ستأتي من تدفئ قلبها بوجودها المبارك، تفوح رائحة عطرة في الأنحاء... الحسن والحسين ينتظران العطف والحنان ينتظران بنت علي كي تبدأ معها قصتهم... تلك القصة التي أعجبت جميع الخلائق بل وقد عجبت من صبرها ملائكة السماء!.
لقد أشرقت الأرض وازدادت نورا وجمالا وتلألأت المدينة من جديد وأشرقت نورها.. عزفت المدينة أجمل ألحانها، تناثرت الورود مهللة لقدومها، فاطمة تحمل بين يديها شريكة حياتها، من تخطو بتلك الخطوات الواثقة كوالدتها من تزق العلم زقا، من يعجب الرجال والنساء من صبرها من تكمل مسيرة النبوة والولاية...
انها زينب.... سيدة الصبر والوفاء، الشمس والقمر يجتمعان ليقدما للعالم أروع قصة على الإطلاق!، منذ تلك اللحظات كانت تستمد من نوره وسكتت في حجره كي تبين إنها ستلازمه منذ البداية وستبقى حتى النهاية...
بينما كان النبي (ص) في سفر ولدت تلك المبجلة في الخامس من جمادى الأوّل في العام الخامس من الهجرة، ولمّا ولدت (عليها السلام) جاءت بها أمّها الزهراء (عليها السلام) إلى أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقالت: (سمّ هذه المولودة)، فقال: (ما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه وآله)، وكان في سفر له، ولمّا جاء وسأله علي (عليه السلام) عن اسمها.
فقال: (ما كنت لأسبق ربّي تعالى)، فهبط جبرائيل (عليه السلام) يقرأ السلام من الله الجليل، وقال له: (سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله تعالى لها هذا الاسم). مامعنى زينب؟
جاء في كتاب (لسان العرب): "الزينب شجر حسن المنظر، طيب الرائحة، وبه سميت المرأة".
وفي كتاب (لاروس): « الزينب: نبات عشبي بصلي معمر، من فصيلة النرجسيات، ازهاره جميلة بيضاء اللون فواحة العرف».
وفي كتاب ( القاموس ): « ... أو من الزينب [ إسم ] لشجر حسن المنظر طيب الرائحة، واحدته: زينبة، قاله ابن الاعرابي. أو أصلها زين أب، حذفت الالف لكثرة الاستعمال. المحقق
السيدة زينب أسوة للمرأة.
يظن البعض بأن دور السيدة زينب محدود في كربلاء ولاننكر هذا الدور العظيم لأنها لولاها لما بقيت لتلك الحادثة إسم ولكن السيدة زينب تبين للنساء بأن المرأة تستطيع أن تقدم الأفضل والأروع وهي تقوم بجميع واجباتها كما كانت سلام الله عليها نعم البنت، نعم الأخت، نعم الزوجة ونعم الأم فقدمت ما قدمت دفاعا عن الولاية، إنها زينب سيدة الإخلاص والوفاء.
السيّدة زينب عليها السّلام مفسّرة القرآن:
ذكر أهلُ السِّيَر أنّ العقيلة زينب عليها السّلام كان لها مجلس خاصّ لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء، وليس هذا بمُستكثَر عليها، فقد نزل القرآن في بيتها، وأهلُ البيت أدرى بالذي فيه، وخليقٌ بامرأةٍ عاشت في ظِلال أصحاب الكساء وتأدّبت بآدابهم وتعلّمت من علومهم أن تحظى بهذه المنزلة السامية والمرتبة الرفيعة.
ذكر السيّد نور الله الجزائري في كتاب « الخصائص الزينبيّة » أنّ السيّدة زينب عليها السّلام كان لها مجالس في بيتها في الكوفة أيّام خلافة أبيها أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وكانت تفسّر القرآن للنساء.
السيدة زينب الصديقة الصغرى:
يذكر الشيخ المامقانيّ في (تنقيح المقال) في معرض حديثه عن السيّدة زينب عليها السّلام: زينب، وما زينب! وما أدراك ما زينب! هي عقيلة بني هاشم، وقد حازت من الصفات الحميدة ما لم يَحُزْها بعد أمّها أحد، حتّى حقّ أن يُقال: هي الصدّيقة الصغرى، هي في الحجاب والعفاف فريدة، لم يَرَ شخصَها أحدٌ من الرجال في زمان أبيها وأخوَيها إلى يوم الطفّ، وهي في الصبر والثبات وقوّة الإيمان والتقوى وحيدة، وهي في الفصاحة والبلاغة كأنّها تُفرِغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السّلام كما لا يَخفى على مَن أنعم النظر في خُطبتها. ولو قلنا بعصمتها لم يكن لأحد أن يُنكر ـ إن كان عارفاً بأحوالها في الطفّ وما بعده. كيف ولولا ذلك لما حمّلها الحسين عليه السّلام مقداراً من ثقل الإمامة أيّام مرض السجّاد عليه السّلام، وما أوصى إليها بجملة من وصاياه، ولَما أنابَها السجّادُ عليه السّلام نيابةً خاصّة في بيان الأحكام وجملة أخرى من آثار الولاية...
زينب، عظيمة لا يمكن لأحد أن يقترب من إسمها المبجل... خوفا من إساءة الأدب لساحتها المقدسة، فلا يسعني قول شيء في فضائلها، فقد عجز لساني عن الوصف، وقلمي شلَّ من خط صفاتها ومحاسنها المجيدة، سأكتفي بقول الشاعر:
ألا أن ثوبا خيط من نسج تسعة ... وعشرين حرفاً من معاليه قاصر..
اضافةتعليق
التعليقات