سمعنا ولازلنا نسمع ان الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء وماجرى في كربلاء يؤكد لنا ذلك..
فالنهضة الحسينية اثبتت دعائم الدين ورفعت كلمة الله الحقة بدماء زكية لم يوجد على وجه الارض مثلها.. وبعد استشهاد الإمام الحسين واهل بيته وانصاره تحملت السيده زينب اعباء هذه النهضة من اجل ان تستمر ويستمر دين محمد بالبقاء فدافعت عن ذلك بكل ما أوتيت من قوة وصبر رغم ماجرى عليها من مصاب اذ يتحدث رواة التأريخ انها كانت صلبة صلدة في مواجهة عدوها فقد ورد انها عندما دخلت الكوفة وهي اسيرة مع بقية عائلة الامام الحسين عليه السلام وباقي السبايا انها خطبت في اهل الكوفة بعد ما رأتهم يبكون وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا.
فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثم قالت: «الحمد لله والصلاة على أبي: محمد وآله الطيبين الأخيار.
أما بعد :
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر !!
أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة.
إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم.
ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف؟ والصدر الشنف؟ وملق الإماء؟ وغمز الأعداء؟
أو كمرعى على دمنة؟ أو كفضة على ملحودة؟
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون؟ وتنتحبون؟
إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً.
فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً.
وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة؟ ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهلا الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجتكم، ومدرة سنتكم.. الى اخر خطبتها عليها السلام.
قال الراوي: فو الله لقد رأيت الناس، يومئذ، حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: «بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى» فكانت خطبتها هذه مدوية في ارجاء الكوفة ولا زالت خطبتها تدوي الى وقتنا الحاضر تُرهب الظالمين فقد تحدثت بلسان ابيها علي وشجاعته واخذت من الحُسين اخيها رباطة جأشها.
اما عندما وصلت لبلاد الشام فكانت صرختها ضد الباطل وضد يزيد الظالم عالية ولم تكن مُنكسرة كما يقول البعض، بل كان ردها عنيفاً وفيه بيان للحق امام الناس الذين خفي عنهم امر الحق والحقيقة.. فوقفت بكل صبر وقوة امام يزيد وقالت: أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء.
ان بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك فرحاً، وتنفض مذوريك مرحاً، جذلان مسروراً، وحين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، وفمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: (ولا تسحبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم، انما نملي لهم ليزدادوا اثماً ولهم عذاب مهين)..
ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.
الا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا.
واسترسلت قائلة قولها الذي خلده التأريخ (فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وايامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين). اذ بقولها هذا قد اوضحت وبينت لجميع الناس مُنذُ يوم واقعة الطف الى هذا الوقت ان ذكرهم باقي ما بقي الدهرُ ولو اجتمع طغاة جميع الازمان على ان يمحوا ذكرهم لما استطاعوا .
ومن الواضح أن هدف الامام الحسين من اخراج النساء والاطفال معه من اجل اتمام ما سيبدأ به فلولا السيدة زينب وصمودها وشموخها وصبرها ومقارعتها للظالمين بصوتها المدوي الى الان بخطب تجبر الظالمين على السكوت لما كانت كربلاء والنهضة الحسينية بهذا المعنى وبهذا المنطلق الذي نراه اليوم وسيستمر الى الأبد فكانت السيدة زينب بحق هي وزيرة الاعلام ووزيرة الدفاع عن واقعة كربلاء واهداف النهضة الحُسينية.. لذلك وجب علينا ان نقول: ان النهضة الحُسينية (حُسينية الوجود زينبية البقاء).
اضافةتعليق
التعليقات