ولنا عودة، في مبدأ الانفطار حديث، يقينا لإقامة الدليل، وكشف المستور، وليفصح القلم عن خوابي بعض الكتب، عمق له باع في كتابة الحقيقة، وتفصيل موجبات التوضيح، يستدرج فيها بعض الدواهي العظمى لتفرد ذكرياتها بلون الصراحة.
عن فاطمة الزهراء أتكلم، وحي قد أصاب قلب الوجود وزاده تسبيح من فم الحوراء الأنسية قد غلف بمأساة، وحبكت بمعاضل، فكانت باب حطة للذين آمنوا..
(إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) ١.
وقد قض الصمت حقيبة الكلمات، وأظهر بعض الموانع، لبيت أهل النبوة ل تكون الحقيقة أقرب إلى الواقع من سواد العين إلى بياضها..
نعم، إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأحرق الدار، ومعقل الرسالة ونور العرش بين الباب والبسمار، فأخرجت السياط أثقالها، ولم يقل مالها، بل قنفذ الظلام، آذى عينها، فأحمرت السماء وبكت على طفلها.. فجاءت أخبارها، أن خرجوا وعنق النور في ذمة ذنوبهم جزاء بما أجرموا خانعين.
اليوم عمل بلا حساب، وغدا حساب بلا عمل يوم على الظالمين عسيرا، يتكلم الوتر هنا وتستنهض من دماءه، ثورة، ولعل أحد الأحزان ضراوة، أن يكون الوجع قد تصبغ بألوان مختلفة النطاق، لا تطاق، نعم مظلومية تعددت أوجه الوجع فيها، فكان ال آه.
محل لا يعرب أبدا، لكثافة الحضور، وحجم الرواية على كافة الأصعدة، وموارد الأسباب التي تكشف سعتها ب أضرار.
في مصاب، حرق الدار، خطاب موجه إلى كل ذي لب يخاف من الله عقاب، مسؤولية التصريح، وحق بيان للجميع، وتوضيح زاوية الفكرة فيها، دفاعا عن المظلوم، وإذاعة تخوم قد أخذ بعض من لا رأي لحجته سوى بضع تلجلجات واهية دفاعا عن نظراته الضيقة ونظره المتعب.
(وأذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)٢.
أي طور، قد حمل التوراة ومافيها، مسؤولية الفصح وذكر المبايعة، أليس في ذلك ذكر للذاكرين؟!
إن الميثاق عهد أن لا تطرق الباب إلا بإذن أصحابه، لا أن تحرق الباب بأصحابه، حتى قالوا إن فيها فاطمة!، قال: وإن..
ألا أن كل اللعائن ترافق صندوق الحفر، وعليها سيل الفضائح، وجلد لا يزكى ف يموتوا وهم كافرون.. يتفق الكتاب، وتبصم الرواية فيه حقيقة الهجوم أن لا اشتباه فيما وقع..
روي عن فاطمة الزهراء أنها قالت:
(.... *فجمعوا الحطب الجزل على بابنا، وأتوا بالنار ليحرقوه ويحرقونا، فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفوا عنا وينصرونا، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ* - مولى أبي بكر - *فضرب به عضدي، فالتوى السوط على عضدي، حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله فردّه عَلَيّ وأنا حامل، فسقطتُ لوجهي، والنار تسعر وتسفع وجهي، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلا بغير جرم، فهذه أمة تصلي علي؟! وقد تبرأ الله ورسوله منهم، وتبرأت منهم*. )٣.
حقيقة، أن الدملج ، هو مخاض فكر السقيفة، إن تكلم وعائهم، ف كل إناء ما فيه ينضح، وغيض الفاسد فيها، أن تكون الناشئة حبر من هجير نارها الموقودة من سلالة المنافقين، التي سعت ولا زالت تثبت ذلك إلى وقتنا الحالي جل حنقها وسفاهة قوتها وبث ذاريات خذلانها، وشرارة عقيدتها الموسومة ب ظل الاستهتار، لتحيل ملف عدائها إلى جيلها المستتر بين طيات الزمن. ولعل المسؤول هنا، فريق من هم المواطنون على ذكر اللآل، ولكن ب شيفرة يدعون أنها التقية، إلا أنها غير نقية..
إلا أن محكمة، تتطاير فيها الكتب، ويستعد لها قلب اللبيب، ويرتبك لعظمتها سربال ظلم الظالم ويكشف عن مستور الهجوم، بمستوى الوضوح وحق من سقط على عتبة الرسالة مضرج بدمه الطاهر، السبط المحسن الشهيد سلام الله عليه، أوَّلُ مَن يُحْكَم فيهِ وفي مظلوميته في يوم القيامة، المُحسن بن علي وفاطمة..
الإمام الصَّادق "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه" يقول:
(إذا كانَ يومُ القيامة.. يأتي المحسن مُخضَّباً محمولاً تحمِلهُ خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد أمُّ أمير المؤمنين "عليهم السَّلام"، وهُنَّ صارخات، وأمُّهُ فاطمة "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها" تقــــول: ﴿هذا يومكُمُ الَّذي كُنتم تُوعدون﴾ اليومَ ﴿تجدُ كلُّ نفسٍ ما عملتْ مِن خيرٍ مُحضراً وما عملتْ مِن سُوءٍ تَودُّ لو أنَّ بينها وبينهُ أمداً بعيدا﴾.
فتقولُ الملائكة لها:
إنَّ اللهَ قد حكَّمكِ في خلقهِ فمَن ظلمكِ وظلمَ ولْدك فاحكمي فيهِ بما أحببتِ فإنّي أجيزُ حكومتكِ فيهم.
فتشهد العرصة، فإذا أُوقِفَ مَن ظَلَمها أمرتْ بهِ إلى النَّار، فيقول الظَّالم: واحسرتاه على ما فرَّطتُ في جنْب الله، ويتمنَّى الكرَّة، ويعضُّ الظَّالم على يديهِ ويقول: يا ليتني اتخذتُ معَ الرَّسولِ سبيلا، يا ويلتى ليتني لم أتخذْ فُلاناً خليلا، وقــــال: حتَّى إذا جاءنا قال: يا ليتَ بيني وبينكَ بُعْدُ المَشرقينِ فبئسَ القرين ولن ينفعكم اليوم إذْ ظلمتم أنَّكم في العذاب مشتركون...)٤.
فتكون الواقعة، وما أدراك ما الواقعة، وجوه يومئذ مسودة، بلهيب الفاجعة، مردود عليها فعل السوط وحريق القارعة.
يقولُ الإمام الصادق "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه":
(أوَّلُ مَن يُحْكَم فيهِ -أي في يوم القيامة- محسن بن علي "صلوتُ اللهِ وسلامهُ عليه" وفي قاتلهِ -أي ابنُ صهاك لعنة الله عليه- ثُم في قنفذ -لعنةُ اللهِ عليه- فيؤتيان هُو وصاحبه فيُضربان بسياطٍ مِن نـــار، لو وقعَ سوطٌ مِنْها على البِحار لغلتْ مِن مشرقها إلى مَغربها، ولو وُضِعتْ على جبالِ الدُّنيا لذابتْ حتَّى تصيرَ رماداً فيضربان بها)٥.
إذن، يبقى الكائن على الكاهل، ولابد من إعلام يتبعه إعلان.. ومظلومية تتحملها السواعد، وأفكار الموائد، ومنبر يدعو المواعظ، ولسان، الله عليه شاهد، ودمع يثأر عند المواقد، وكتاب المجالس لا يفقد الشواهد، ولا يبرح يعلن حتى تبيض وجوه المواساة، ويكون هو المرابط.
وتتدخل عافية الكلمة، لتتسلق قمة الولاء، وشكر العناء، وأن غدا لناظره قريب، يوم تبلى السرائر فماله من قوة ولا ناصر، إلا دثار فاطمة الزهراء.
اضافةتعليق
التعليقات