إن تأسيس المدرسة الجعفرية وعظمة الدروس التي كانت تقدم في ذلك الزمان كانت ولازالت من أقوى المدارس عند المذاهب الأربعة حتى شهد بذلك أهل الخلاف، حيث كانت حلقات العلم متصلة ويتوافد التلاميذ من كل مكان، ويرجون فضله، حتى جاوز عدد تلاميذه الآلاف، وما يذكر في التاريخ أن المسلمين اتخذوا فقهاء أئمة المذاهب الإسلامية التي تأسستْ على أيدي فقهاء درسوا عند الإمام الصادق (عليه السلام).
بينما نجد أن الامام الصادق كان يبذل الجهد الجهيد في تأصيل القواعد الفقهية واستدراك المسائل الفكرية والعقائدية ولم يختصر فقط في المسائل الدينية وإنما كانت هناك بحوث في علوم الحياة والحيوان، ليكون الجامعة العربية الشاملة ذات تنوع عصري وفكري مختلف عن ما هو موجود في ذلك الزمان، وخاصة كانت هناك انفتاح لدى القبائل والحضارات الموجودة الذي سمح بها بنو العباس مما جعل الامام يبني قاعدة فكرية رصينة عند العرب، فكانت الحوارات والمناظرات الفكرية والفلسفية بين الامام الصادق والتيارات المعاكسة، وكتابة الأحاديث ومتابعة الرواة الحديث في نقلهم، حتى عرف بعض التلاميذ في تخصصهم في كتابة الحديث وحفظه.
ما نشاهد أيضا هو التخصص في عصر الامام الصادق فلم تكن تلك الحلقات عبثية أو اكمال لرغبة ما، وانما كانت حلقات علمية تخصصية لكل الجوانب فتجد من يقرأ ويفسر في الادب، بينما هناك بحوث في كتاب الله عز وجل، وفي مراحل متطورة تجد الكيمياء من أوائل الرواد في علم الكيمياء حيث تتلمذ على يديه أبو الكيمياء جابر بن حيان، والرياضيات وعلم الفلك، والدراية والحديث.
معرفة الامام في العلوم الطبية
وقد جمع علماء السلف الماضي من آراء أئمة أهل البيت (ع) في الطب وسماه (طب الأئمة)، وأيضا العلامة المجلسي يروي الكثير عن هذا الكتاب في موسوعته الكبيرة (بحار الأنوار) وكذلك الحر العاملي في (وسائل الشيعة)، إلا أن كتاب (طب الأئمة) هذا فقد بعد ذلك ولا وجود له اليوم إلا في بطون الكتب.
وقد كان الطب من أحد العلوم التي كان يقررها الإمام الصادق في مدرسته، ويفيض في الإبانة عنها وكشف أسرارها وخفاياها.
(ومن نظرياته التي انتفع بها الأطباء في عصره وبعد وفاته رأيه في إمكانية تنشيط الدورة الدموية عند حدوث سكتة مفاجئة أو توقف مؤقت، حتى ولو ظهرت على المريض إمارات الموت أو علامات شبيهة بعلامات الموتى، وقد يعيد الحياة إلى المريض قطع وريد بين أصابع يده اليسرى إسالة للدم منه).
الامام الصادق والسلسلة الذهبية
كانت حركته في إطار السلسلة الذهبية للإمامة، وامتدادها للوحي النبوي، وعرف عنه السلسلة الذهبية فكان يقول (عليه السلام) (إن حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله وحديث رسول الله (صلى الله عليه واله ) هو قول الله).
وعن انفتاح عصر الامام ومميزاته قال المرحوم آية الله السيّد محسن الامين العامليّ: وبالجملة كان عصره أقلّ عصور أهل بيته خوفاً فكثرت الرواة والمصنّفون في الحديث من الشيعة في زمانه أكثر من زمان أبيه.
ولم يرو عن أحد من أهل بيته ما روي عنه حتّى قال الحسن بن عليّ الوشا، من أصحاب الرضا عليه السلام: أَدْرَكْتُ فِي هَذَا المَسْجِدِ (يَعْنِي مَسْجِدَ الكُوفَةِ) تِسْعَمائَةِ شَيْخٍ كُلٌّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَعَفْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
ما قاله الإمام الصادق (عليه السلام) في حق تلميذة زرارة بن مسلم
حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين»
قال الإمام الصادق عليه السلام: «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة».
من هو زرارة بن مسلم
واسمه عبد ربه بن أعين وهو أبو الحسن بن عبد ربه زرارة بن حسن الشيباني الكوفي ولد سنة 80 هـــ ، وتوفي سنة 150هــ ، وهو من أعلام الشيعة الأمامية وقد روى عن الأماميين الباقر والصادق (عليهما السلام).
اضافةتعليق
التعليقات