عقارب الساعة تركض بل تهرول بسرعة فائقة وكأنها تأخرت عن موعد هام! ونحن هنا الضحية.
نعم، نحن الضحية إن أضعناها هنا وهناك، وخلال هذا الوقت القصير الذي بين يديك إعرف لمن تهتم..
إهتم بأشخاص وأشياء إهتمام "إنتقائي" وواعٍ جداً، فليس كل شخص وليس كل شيء يستحق إهتمامنا وإضاعة أعمارنا الثمينة من أجله.
فالسعيد الأزلي هو الذي يهتم بالذي له أهمية فعلاً، وفي غير هذه الحالة إنتبه أرجوك! لأنك ستخسر الكثير.
أقرب مثال لنا وخاصة في هذه الأيام هي السيدة أم البنين (صلوات الله عليها). فهي كأمهات الأئمة من الخواص اللاتي إختارهن الله تعالى لهذه المهام العظيمة.
ولكن لماذا ارتفع مقام أم البنين لهذه الدرجة العجيبة والمدهشة؟؟ بل وأصبحت باباً للحوائج كرامةً لها، فضلاً عن أمهات الأئمة؟ مع أنها لم تكن أم إمام.
صحيح لم تكن أم إمام ولكن قضيتها (سلام الله عليها) إندمجت مع قضية "الحســـــين" (عليه السلام).
عرفت أن تختار وتنتقي الأهم من المهم، فـ ضحت ببنيها الذين كانوا كالبدور المنيرة فداءً لإمام زمانها، أي "بكل ما أوتيت من قوة !".
منذ البداية عرفت حرمة أهل بيت النبوة ولم تقبل لابنها العباس (سلام الله عليه) منذ نعومة أظفاره أن ينادي الحسين (صلوات الله عليه) بأخي! بل قالت ناديه بــ سيدي..
مع أنه كان يحق لقمر بني هاشم أن ينادي الإمام الحسين بأخي! لكن أنظروا مدى حذرها للحرمة وأنها عرفت مكانة وعظمة أولاد الزهراء (سلام الله عليها).
وورد أنّ بشر بن جلذم بعد وروده المدينة وحين نعى إليها الأربعة من أولادها قالت: "قطعت نياط قلبي! أولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين عليه السلام، أخبرني عن الحسين!".
هذا جواب أم ثكلت بأولادها الأربعة بقلبٍ محروق ولكن مع هذا تقول أخبرني عن الحسين!.
نعم، صُبَّ جُلَّ إهتمامها وخوفها على إمامها.. فــ ربحت التجارة مع الله بجدارة.
قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ". المصدر: سورة فاطر.
وورد أنّ بعد مقتل الحسين (عليه السلام) بكت وندبته إلى أن فقدت بصرها.
ومع هذا خافوا بني أمية من فصاحتها وبلاغتها ودورها الإعلامي برثاء سيد الشهداء (عليه السلام) وأبنائها الأربعة في البقيع الغرقد، فهي بذلك كانت تسلط الضوء على وحشية النظام الأموي، وما قام به من جرائم.
ولأن شمعة الحق تربك الظالمين، أرادوا إطفائها.. لذلك دسوا لها السم، فاستشهدت وخلدت اسمها في الدارين..
فالسَّلامُ عليكِ يا أمَّ الوَفاء.. السَّلامُ عَلَيكِ يَا عَزِيزَةَ الزَّهرَاءِ عَلَيهَا السَّلام، مَا دَجَى الَّليلُ، وَأَضَاءَ النَّهَارُ وَسَقَاكِ الله مِن رَحِيقٍ مَختُومٍ، يَومَ لايَنفَعُ مَالٌ وَلابَنُون، فَصِرتِ قدوَةً لِلمُؤمِنَاتِ الصَّالِحَاتِ، لأَنَّكِ كَرِيمَة الخَلائِق، عَالِمَةً مُعَلَّمَةً، نَقيَّةً زَكِيَّةً، فَرَضِيَ اللهُ عَنكِ وَأَرضَاكِ .
اضافةتعليق
التعليقات