كعصفور صغير كسر جناحه، يقف تحت اشعة الشمس الحارقة يمسح قطرات من ماء الشرف، يتلظى عطشا، اعتاد العمل منذ ان مات والده لكنه لم يعتاد الصيام بعد، انها السنة الاولى ها قد بلغ الرابعة عشرة من العمر.
تارة يمشي ويبيع بضاعته واخرى يفترش الارض الحارة، قدماه ترتجفان من شدة الجوع والعطش فهو ضعيف البنية، يقف منذ الصباح الباكر، يسيطر القلق عليه مشغول البال مكسور القلب، تمر الساعات ولم يبع الكثير، يخرج وريقات نقدية من جيبه يحتسبها ويعيدها، لا لا تكفي ان اشتري الافطار لأمي واخوتي سأنتظر اكثر... من على بعد امتار اشارت اليه تلك التي انجبت مجاهدا يكد على عياله ولايمد يد الحاجة سوى للخالق، هذا هو ابني المعيل لي واخوته.
هكذا حال هذه العائلة والعوائل المتعففة يفضلون العناء والجوع على ان يمدوا يد الحاجة.
شهر رمضان اقبل وحلّ وملأ الكون عاد من جديد ليساوي الفقير بالغني، هذه هي فلسفة شهر الصيام منذ ان سنّ الله الصيام على العباد ليكون شهر رمضان حياة للفقير.
كما سئل الامام الصادق (عليه سلام) عن علة الصيام؟ فقال: «انما فرض الصيام، ليستوي به الغني و الفقير، و ذلك ان الغني لم يكن ليجد مسٌ الجوع، فيرحم الفقير، لان الغني كلما اراد شيئاً قدر عليه، فاراد الله تعالى: ان يسوّي بين خلقه، و ان يذيق الغني مس الجوع، والألم، ليرق على الضعيف، و يرحم الجائع».
انصف الله الفقراء والاغنياء اذ كتب عليهم الصيام لعلهم يتقون فالفقير يتساوى مع الغني في هذا الشهر والغني يتقي الله بمن حوله من الفقراء.
الهدف من الصوم هو التقوى كما في الاية الكريمة: "ياايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
للتقوى معاني عديدة منها:
التقوى من الوقاية وهي لغة حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره ويقال وقيت الشيء أقيه وقايةً ووقاءً، والتقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف، ومما يضر بها ويسمى الخوف تارةً تقوى، وصارت التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤلم وذلك بترك المحظور، ويتمّ ذلك بترك بعض المباحات مثل الصوم في نهار شهر رمضان.
إذاً التقوى بعرف أهل الشرع هو حفظ النفس التي جعلها الله تعالى امانةً عند الانسان وعدم القائها في التهلكة اثر التبعية الشيطانية التي تصبح عند النفس على أثر تغلّب الهوى عليها،
والتقوى هي الثمرة المطلوبة ترتباً على العبادات والفرائض.
اذاً من التقوى هو صوم شهر رمضان، ومن اهمها مساعدة الفقراء المتعففين في شهر الرحمة، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه واله "اتقوا الله ولو بشق تمرة".
هل تحقق الهدف من الصيام وهل شهر رمضان حياة للفقير؟!
كان "لموقع بشرى حياة" جولة استطلع اراء بعض النساء من العوائل المتعففة..
تجيب "ام محمد" بعد سؤالنا عن حالها: تأتي علي ايام قبل شهر رمضان لا اجد مااطعم به اولادي اما شهر رمضان فرزقه يأتي معه فقد تكفل الله به، هناك ايادي الخير يسألون عنا ليساعدونا في بعض الاغذية الجافة مثل البقوليات والدبس والرز وغيرها.....
بالنسبة لنا هذه الاطعمة ان توفرت تسد حاجتنا والحمد لله.
"ام علي" هي الاخرى صائمة في شهر رمضان وبعد سؤالنا عن احوالها اجابت: اعمل (خبازة) لأوفر لقمة العيش لأطفالي ولكن متطلباتهم كثيرة وغلاء الاسواق يمنعني توفيرها جميعا، منذ ان استشهد والدهم وانا اتحمل المسؤلية لوحدي اما في شهر رمضان احصل على بعض المساعدات من بعض الجيران المؤمنين، الحمد لله هناك من يساعدنا من العوائل الميسوري الحال في هذا الشهر بوجبة افطار او وجبة سحور، حياتنا في شهر رمضان احسن.
"ام مالك" ام لأربعة ايتام بعد سؤالنا عن حالها؟ اجابت: كبير اولادي يعمل صانع في احد المطاعم طبعا راتبه لايكفي واحتياجاتنا. واضافت: قبل شهر رمضان اصبت بالاكتئاب من التفكير باحتياجات اولادي وهم ايتام صغار وصائمين، اشعر بالحزن ان لم اوفر لهم مايشتهون،
ولكن مع حلول شهر رمضان الحمد لله المؤمنين لاينسون اطفالي.
في نهاية جولتي اسأل الله ان يغني كل فقير بتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى له الفرج).
اضافةتعليق
التعليقات