استطاع الإمام زين العابدين (عليه السلام) بمهارة فائقة وهو في قيد المرض وأسر الأمويين أن ينشر أهداف الثورة العظمى التي فجرها أبوه الإمام الحسين (عليه السلام) فأبرز قيمها الأصلية بأسلوب مشرق.. وكان في منتهى التقنين والأصالة والإبداع.
لقد قام الإمام زين العابدين (عليه السلام) ببلورة الفكر العام, وإزاحة التخدير الاجتماعي؛ الذي منيت به الأمة أيام الحكم الأموي الأسود؛ الذي عمد الى شل الحركة الثورية في الاسلام.. فأحال المسلمين الى أشلاء مبعثرة.. ما بها من حياة وإحساس.. لقد وضع هذا الإمام العبوات الناسفة في أروقة السياسة الأموية.. حتى نسفت معالم زهوهم, وجبروتهم, وأعادت للإسلام حياته ونضارته.
لقد حققتها تلك التأثيرات العميقة في قلب المجتمع.. من خلال تلك الفلسفة التي أتخذها بأسلوبه الإبداعي المتميز ليوقظ الهمم, ويشعل فتيل الثورة.
وكان الى جانب ذلك أسلوبه التربوي الروحي العميق من خلال تلك الأدعية المباركة التي تجلت فيها فلسفته العميقة, وتوجيهاته التي تساعد على تكوين الشخصية الربانية؛ بأرفع المقاييس, وأرقى المستويات.. سواء فيما يتعلق بعلاقة الإنسان بربه, أو علاقة الإنسان بالإنسان.. والتي جمعها بنفسه لتعرف فيما بعد بـ (الصحيفة السجادية).
وسنقف هنا مع بعض محطاتها التربوية:
(1) يخصص الإمام زين العابدين (عليه السلام) في صحيفته دعاءً خاصاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بأعتباره المنة الكبرى.. التي أمتن الله بها على هذه الأمة دون سائر الأمم..
(2) الإمام زين العابدين في دعائه لأهل الثغور يرسم رؤية متكاملة عن حيثيات النهوض في وجه أعداء الدين, وإن بثها هنا على شكل دعاء ومناجاة.. لكنها لم تغفل الجانب التربوي والمنحى الإرشادي..
(3) يعتبر دعاء (يوم عرفة) من أطول أدعية الصحيفة السجادية.. التي صاغها الإمام زين العابدين (عليه السلام) بعاطفته الجياشة, وقلبه المتوقد.. ليجمع فيها بين التربية والدعاء, والإرشاد والمناجاة.. والذي يبدو أنه انجذب بكل حواسه, وانشد بكل مشاعره.. في تلك اللحظات التي تُعتبر من أفضل لحظات التجلي عند الإمام زين العابدين (عليه السلام).. ليبث شكواه لمولاه, ويبعث حزنه الى خالقه.. حتى نسى نفسه, وغفل ذاته, ولم يعد يشعر بشيء من حوله سوى مايسيطر على قلبه من ذلك الحب المطلق, والعشق الشديد..
اضافةتعليق
التعليقات