عندما ترمي قطعة من السكر في الماء بعد دقائق معدودة لن تجد أثرا لقطعة السكر التي رميتها، ولكنك عندما تتذوق الماء ستجد بأن طعمه تغير وأصبح حلوا، إنه حال بعض الناس.
كقطعة سكر يذوبون في حياتك وبعدما يخرجون منها تجد بأن وجودهم ذاب في دهاليز أيامك وجعل تفاصيلك حلوة، فتتذوق حلاوتهم بالرغم من غيابهم أو فقدانهم.
ولكن ماذا لو شربت من الكأس ووجدته ماءا أجاجا[1]؟
هذا هو حال فئة أخرى من الناس، أولئك الذين حتى وإن خرجوا من حياتك تركوا أثرا لاذعا على روحك ونفسيتك.
فلا ذكريات جميلة معهم ولا مواقف حلوة تذكر، كل ما تحمله لهم في ذاكرتك هي صور بشعة وشعور سيء ينتابك كلما مر على بالك شريط المواقف واسترجعت ما مررت به وما فعلوه بك.
هذا النوع من البشر يلعبون دورا سلبيا في حياة من حولهم ومن الممكن أن يكونوا سببا أساسيا في تدمير نفسية الآخرين وتحطيم أحلامهم وتقليل عزمهم، ومن الأفضل أن يبتعد الانسان عن هذه النوعية من الناس.
ويبقى السبب الذي وصلّ هذا النوع من الناس إلى أن يكونوا سكرا مالحا في حياة الآخرين سببا مجهولا، ولو حاولنا أن نخمن ربما وجدناه شعورا نابعا من النقص أو الغيرة المفرطة أو ضعف الشخصية أو حتى تأُثير البيئة أو العائلة التي نما وكبر فيها واكتسب منها العادات والعقد النفسية التي تقوده إلى تعكير حياة الآخرين.
وفي كل الأحوال ليس هنالك مبررا حقيقيا لأن يكون الانسان ضررا على غيره حتى ولو بنية سيئة ضمرها في قلبه ولم يطرحها، فكيف بكلمة جارحة أو غيبة خرجت من لسانه أو بفعل أو حسد عيشة أو خيانة صدرت منه؟
إنها والله لثقيلة عند الله، فالإنسان الذي لم يتعلم الأدب واحترام الآخرين في الصغر من الممكن أن يؤدب نفسه في الكبر.
يقول الإمام علي (عليه السلام): "تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها"[2]
وأمّا سبب اطلاقي تسمية "سكر مالح" على هذه النوعية من الناس هو لأنك في بادئ الأمر تنخدع بمظهرهم الخارجي لأنهم يشبهون السكر فيتشابه الأمر عليك ولن تتعرف على ماهيتهم الحقيقية إلا بعدما يمتزجون في حياتك وتتذوق شخصيتهم الفعلية وتكتشفهم بأنهم ليسوا سكرا إنما أجاج.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):
"خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ"[3]
فكم سيعيش الانسان حتى يترك أثرا سلبيا في حياة الآخرين ويكون حملا ثقيلا عليهم؟، فكم ذنبا سيكسب بسبب كلماته الجارحة وعينه الحاسدة ونيته الفاسدة؟
ألا يخاف أن ينتهي عداد عمره ولا تكون له فرصة ثانية يكفر بها عن ذنوبه ويعيد حقوق الناس إليها؟، فالموت لا وقت له وملك الموت لا ينتظرك لتصفي حساباتك الدنيوية..
إذ إن حياتنا محطات انتظار، يدخل ويخرج منها أناس كثيرون، منهم من يترك أثرا عميقا في الذاكرة ومنهم من لا يكون له أثرا يذكر.
فلماذا يكون الانسان سكرا مالحا؟ في حين بإمكانه أن يكون حلوا وعسلاً مصفى يضيف الحلاوة أين ما حل ويترك أثرا طيبا في نفس كل من شاهده وتعرف عليه..
اضافةتعليق
التعليقات