مع تغير المناهج الدراسية وإضافة وحذف مواد ومحاولة تغييرها وكل تلك المحاولات هي انطلاقة لتحسين الوضع التعليمي في البلد إلا أن كل ذلك غالبا لا نراه على الوقع التعليمي، فخلال زيارتي الأخيرة لإحدى المدارس من أجل اجراء استبانة معينة اكتشفت أن الواقع التعليمي لا زال على سيرته الأولى، حيث صراخ المعلم على الطالب من أجل الدخول للصف وعدم رغبته بالانتباه على ما يقوله المعلم، فلا يشعر الطالب إلا صوت المعلم الذي يسير بوتيرة واحدة طيلة الدرس كأنها محاضرة بلا هدف أو قيمة معنوية، ودون مشاركة الطالب واقحامه في الدرس، لم أجد سوى أساليب تعليمية انتهت صلاحيتها ولم تعد تتلاءم مع التطور التكنولوجي الحاصل الذي أسر الكبار قبل الصغار، هذا ما يجعل كثيرا من الطلاب عد الدراسة أمرا مفروضا عليه، مفروغا منه يحضره كي لا يوبخ من عائلته أو حتى يكون مستقبلا يحمل عنوان (خريج) بلا عمل أو معلومة تُذكر.
الواقع التعليمي يحتاج إلى أساليب أكثر حداثة أو استحضار أساليب ومناهج قديمة اندثرت لكنها كانت ذات تأثير مهم على الطلاب، كالمسرح المدرسي وأهميته في دعم العملية التربوية والتعليمية في ظل الظروف السيئة التي تمر بها معظم مدارسنا، وافتقارها إلى أبسط الوسائل التعليمة، مع قِدم وتهالك أبنيتها قد يراه البعض حديث ترف، وغير ذو أهمية وبعيدا عن الواقع، بينما يراه البعض الآخر ذو أهمية كبيرة، بسبب الدور المهم الذي يلعبه المسرح المدرسي في تعزيز القيم التربوية والمدرسية، وبلورته لبعض المهارات الأساسية التي تساعد في رفع مستوى التعليم في المراحل المختلفة من عمر التلميذ.
إذ يعد المسرح المدرسي أحد الروافد التعليمية المهمة للتلاميذ في العصر الحديث، كما أنه يعد جزءاً من المناهج التربوية الحديثة ومكملاً لها، فمن خلاله يستطيع التلميذ أن يجد ذاته، ويكتشف مواهبه، و يمارس فيه مختلف الأنشطة المدرسية، التي تنشط حواسه السمعية والبصرية، ففي المجال الأدبي ثمة دور مهم للمسرح، بتقديم المادة الأدبية والانتقال بها من صفحات الكتب وبطونها إلى أرضية المسرح، وتُقدم كعمل فني تترسخ من خلاله المادة في عقول التلاميذ، بشكل أبلغ إذ أن الكلمة المصورة والمرئية كما هو معلوم تأخذ أثرها في عقول المتلقين أكثر من الكلمة المقروءة، وكذلك دوره في تجسيد المناهج الأخرى، كالمنهج التاريخي، والعلمي، والثقافي، فالمسرح المدرسي يساعد التلميذ على تنمية قدراته في التعبير والإلقاء، وكسر حاجز الخوف، وتنشيط الشجاعة الأدبية لديه.
وللمكتبة المدرسية أهميتها أيضا فهي من الثقافات التي اندثرت في الواقع التعليمي إلا ما ندر فلم يعد مدرس اللغة العربية يحفز الطلاب على المطالعة والقراءة أو تشجيع الطالب الذي يرى عنده موهبة القلم، بل الدرجات التي تضعها الوزارة مخصصة للمطالعة يعتمد المدرس أو المعلم في اعطائها على المستوى العلمي للطالب.
أما التعليم التفاعلي فهو يكاد يقتصر على المراحل الأولى من المدرسة أما بقية الطلاب فيتم التعامل معهم على إلقاء المحاضرات وكأن طالب الثانوية يدرك أهمية المحاضرة بالنسبة إليه ليصب تركيزه عليها! دور المدرس الذي يكاد أن يكون غائبا في خلق حلقة وصل بينه وبين الطالب، وهنا يفقد التلميذ شغف متابعة الدرس بل يعده عبئاً عليه وينتظر الوقت المخصص للاستراحة على مضض.
إن عاتق التعليم يقع على جانبين الجانب الأول هو وزارة التريبة والتي أهملتْ تطوير الكادر التعليمي أو تزويده بمحاضرة غير ملائمة لتطور العصر وأفكار التلاميذ والوسائل الملائمة لهم.
والجانب الآخر المعلم نفسه فهو أمام مسؤولية كبيرة فهو يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية تطوير نفسه وتحديث معلوماته والبحث عن السبل الملائمة والوسائل التربوية التي توصل المنهج لذهن التلميذ، فضلا عن تهذيبه لنفسه لأنه مثال يحتذي به الطلاب.
اضافةتعليق
التعليقات