- إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً..
- ماذا؟ لماذا؟! ها نحن نسبح بحمدك ونعبدك وهم حتماً لن يطيعوك كما نطيعك..
- إني أعلم ما لا تعلمون، فهل تستطيعون اخباري بما لم أخبركم عنه ولم أزودكم بمعرفته..
- عفوك سيدي سبحانك فأنت الحكيم العالم ولا نستطيع الاحاطة بشيء دونك فأنت المسيطر المعين ولا علم لنا إلا منك..
- اذن افعلوا ما أقول ولا تخالفوني بشيء فتهلكون.
- نعم يا ايها الخالق العظيم سبحانك نحن لا نفعل إلا ماترى.
- فهذا عبدي وصنيعتي آدم ترونه سأجعله في الأرض خليفة يدعو عبادي للتقرب إلي ويمهد العقول لدولة حبيبي والأقرب إلي الذي سيخرُج من صلبه وتتم حجتي على العباد به وبولْده.
"ان الارادة الانسانية بما أعطيت من اختيار يتحكم في توجيهه العقل بمعلوماته الناقصة هي التي تؤدي بالانسان الى أن يفسد في الارض ويسفك الدماء قال محمد عبدة: (اخبر اللّه الملائكة بأنه جاعل في الارض خليفة نفهم من ذلك ان اللّه يودع في فطرة هذا النوع الذي يجعله خليفة.. أن يكون ذا إرادة مطلقة واختيار في عمله غير محدود وان الترجيح بين ما يتعارض من الاعمال التي تعنَ له تكون بحسب علمه وان العلم اذا لم يكن محيطاً بوجوه المصالح والمنافع فقد يوجه الارادة الى خلاف المصلحة والحكمة وذلك هو الفساد وهو معين لازم الوقوع لان العلم المحيط لا يكون الا للّه تعالى) المنار: 1/256."
"فما كان من الملائكة إلا أنهم ظنوا أن هذه الخلافة ستكون منهم، فهم المعصومون من الزلل والخطأ، ومن هنا نفهم عظم معنى الخلافة الإلهية وأن مقامها عال جدا، وحينما أخبرهم سبحانه أنها ستكون من الجنس البشري كان استغراب الملائكة ، لأن هذا المخلوق وحسب طبيعة تركيبه الخلقي وما فيه من غرائز وشهوات لا يمكنه أن يطبق العدل الإلهي ويقوم بأعباء الخلافة ورسالة السماء" كما يرون..
فمنذ بادىء الخليقة وسبحانه يُعرف خلقه بغاية عيشهم وتواجدهم في هذه الحياة وأول ما خلق على الأرض من البشر خلق نبي يدعو إليه ويحاول إخراج الغافلين من الوحل، فالخالق الجبار يقول ماخلقناكم عبثا وقال أيضاً: ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون.
فما هي العبادة التي أرادها تعالى وما مفهومها؟
هل هي حركات تؤدى؟
أم هو ارتباط الحواس بالخالق واستشعار وجوده؟
هل هي الامتثال لكل ما أوصى به ودعا إليه؟ وتطبيق أوامره بحذافيرها..
أم هو اتباع بما يهوى المرء؟!
فترى البعض ما إن يتبادر ذكر العبادة يحددها بصلاة وصوم وزكاة وووو، حركات تؤدى دون روح فما الصلاة حقاً إلا ماكانت تنهى عن الفحشاء والمنكر ويتصل بها العبد بربه..
فالعبادة التي أرادها تعالى لخلقه تُزكيهم وتُطهر نفوسهم، عبادة يستشعر بها الفرد عظمة ووجود الخالق الحكيم، يكون الفرد بها دائم الاتصال مع ربه لا ينفك عن ذكره، ولكن أيضاً كيف يكون هذا الذكر؟
وماهو الدين؟ وما علاقة الحياة بالدين؟
منذ ان كانت الحياة على الارض كان نبي وكان يحمل رسالة ربه ويمشي بتعاليمه، واستمرت الرسالات بعده حتى اختتمت بأفضل الرسالات وأفضل الرسل وخاتم الرسل أوصى باتباع ما جاء به وكله جعله في اهل بيته وأوصيائه الذين اختارهم الله تعالى كما اختار رسله ليبلغوا عنه وهكذا الى يومنا هذا يدعونا لاتباع الحق والتمسك به والا فسيؤول العبد الى ما لا يُحمد عُقباه وسيرجع الى ربه خاسراً هالكا.
"والدين، مصطلح يطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح حسب أفكار معتنقيها الغاية من الحياة والكون، كما يعرّف عادة بأنه الاعتقاد المرتبط بما وراء الطبيعة والإلهيات، كما يرتبط بالأخلاق... وبالمفهوم الواسع، عرّفه البعض على أنه المجموع العام للإجابات التي تفسر علاقة البشر بالكون.
كلمة دين تستعمل أحياناً بشكل متبادل مع كلمة إيمان أو نظام اعتقاد، ولكن الدين يختلف عن الاعتقاد الشخصي من ناحية أنه يتميز بالعمومية.
وقد قال علماء علم الإنسان منهم جون موناغان وبيتر جست: "يبدو واضحاً أن شيئا واحدا (الدين أو المعتقد) يساعدنا على التعامل مع مشاكل الحياة البشرية الهامة.
أما علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا ينظرون إلى الدين على أنه مجموعة من الأفكار المجردة، والقيم أو التجارب القادمة من رحم الثقافة. على سبيل المثال، وبطبيعة المبدأ، جوهر الدين لا يشير إلى الاعتقاد في "الله" أو متعال مطلق: جوهره يعرف بأنه "بنية أو ثقافة مباشرة و/ أو بنية لغوية للحياة بشكل كامل، والاعتقاد بأنه، مثل لغة، يسمح بوصف الواقع، وصياغة واختبار المعتقدات والمشاعر والأحاسيس الحميمة. وبموجب هذا التعريف، الدين هو رؤية لا غنى عنها في العالم تحكم الأفكار الشخصية والأعمال..
كتب النصراني لوقا تيموثي جونسون ان "معظم الأديان تركيز على (الممارسة الصحيحة) أكثر من التركيز على العقيدة (العقيدة الصحيحة). خلقت كل من اليهودية والإسلام أنظمة قوانين دقيقة لتوجيه السلوك، وسمحوا بشكل مدهش بحرية التعبير والإدانة والفكرية وكلاهما كان قادراً على التعايش جنباً إلى جنب مع تصريحات قليلة نسبياً عن المعتقدات."
"ويمكن إجمال مميزات الأديان كافة بعدة نقاط:
- الإيمان بوجود إله.
- التمييز بين عالم الأرواح وعالم المادة.
- وجود طقوس عبادية يقصد بها تبجيل المقدس من ذات إلهية وغيرها من الأشياء التي تتصف بالقدسية.
- قانون أخلاقي أو شريعة تشمل الأخلاق والأحكام التي يجب اتباعها من قبل الناس ويعتقد المؤمنون عادة أنها آتية من الإله.
- الصلاة وهي الشكل الأساسي للاتصال بالله وإظهار التبجيل والخضوع والعرفان.
- رؤية كونية تشرح كيفية خلق العالم وتركيب السماوات والأرض. بعض الأديان تحتوي على آلية الثواب والعقاب، أي كيف ينظم الإله شؤون العالم.
- شريعة أو مباديء شرعية لتنظيم حياة المؤمن وفقا للرؤية الكونية التي يقدمها هذا الدين.
وينبغي التمييز بين مفهوم الدين ومفهوم التدين، فالدين يطلق عادة ويراد به مجموع التعاليم المقدسة الصادرة عن مصدر إلهي أو مصدر بشري ذي مكانة دينية عالية تخول له البث في أمور الدين والاجتهاد فيه، في حين أن التدين يحيل في الغالب على الممارسة الفردية أو الاجتماعية لتلك التعاليم الدينية. ومن المؤكد أن هناك فرقاً بالضرورة بين ما يقوله الدين وما يمارسه الناس في حياتهم باسم الدين" مصدر (كليفورد غيرتز، الدين مصطلح النظام الثقافي، 1973)؛ (طلال أسد، الهيكل الديني تحت الأنثروبولوجيا، 1982.)؛ أ ب موناغان، جون؛ جست، بيتر (2000). الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية. نيويورك: جامعة اكسفورد. صفحة 124. ISBN 978-0-19-285346-2.
Lindbeck, George A. (1984). Nature of Doctrine Louisville, Estats Units: Westminster/John Knox Press.(بالكتالونية)
اذن فالدين ملازماً للحياة منذ البدء بل ابتدأت الحياة بالدين فلا انفكاك بينهما فالحياة الهنيئة الرغيدة تكون بالمضي بتعاليم الدين الذي يرسم للخلق حياة طيبة بنظام حكيم جميل لا يؤذي احداً إلا من غلبت نفسه عقله وهوى برذائل النفس فخسر الحياة الدائمة الطيبة لكن وللأسف أصبح مصطلح الدين يتحاشاه العباد ويأنفون من ذكره ولا يُحبذون ذكره، بل أصبحوا يتحسسون من ذكر محمد وأهل بيته صلوات الرب وسلامه عليهم.
فما إن تذكر قولهم أو تستذكر عظمتهم أو تذكر شيء من تعاليمهم حتى يهبوا قائلين لا تتحدثوا بالدين لا نريد الخوض به، لا نريد الفتنة غير مسموح الحديث به عجباً هل أصبح الدين وذكر الأطهار يسبب فتنة، أم ان العقول الجاهلة والمتعصبة والرافضة لتعاليم الدين الذي ابتعث تعالى به رُسله لعامة خلقه سببت الفتن والضلال لخلقه.
عجباً قد اصبح هدف الحياة الأهم والغاية منها غير مُحبذ ذكره، تأنف من ذكره الأسماع لا والأدهى يخافون نظرة المنكرين للحق الالهي المُخالفين له فيتنازلون عن مبادئهم ويتلبسون لباس أولئك ظناً منهم انهم بذلك تحضروا وتثقفوا، غافلين عن ردائتهم بهذا وزيغهم عن جادة الحق
وتجدهم عند ذكر الحق محايدين لا يرغبون بالخوض في كلام يذكر فيه غاية الخلق لا يرغبون أن تذكرهم بمحمد المصطفى وعترته المطهرة، وليس لك أن تستذكر مظلوميتهم التي خالف بها من ظلمهم أمر ربه وأضل خلقه في أوساط المثقفين فهم لا علاقة لهم بهذا ويفضلوا التحدث بأمور اخرى علّهم يزيدوا ثقافتهم، يارب ماذا يجري! هل اصبح ذكر من ابتعثه الخالق وفضله وأمر باتباعه يُبعد الناس عن الثقافة، مالكم كيف تحكمون؟!
فكم من شخص تدبر وتفكر بحياة نبيه نبي الرحمة وماقدم من أجل استنقاذ البشرية الضائعة وماجرى على أهل بيته من بعده وكيف أوذوا وظلموا وكان قد أوصى بهم وباتباعهم كما أمر تعالى بذلك، أي حياة هذه نحياها ونحن نبتعد عن الحق ونخاف الخوض به بينما لا نفقه إلا القليل ممن تساموا في الخلق وفضلهم تعالى على جميع خلقه لما تميزوا به واستحقوه من منزلة عظيمة لا يضاهيها بهم أحد، فهل فكرنا بمجاهدة النفس كي ترقى بالسير بنهجهم القويم
لنشعل شمعة وسط ظلام دامس.
أفلا يتدبرون أم على قلوب أقفالها؟!
وياويلنا ممن يتلبسون لباس الدين وهم أبعد ما يكون عنه يخفون سيئاتهم ودناوتهم باسم الرب يضحكون على عقول جاهلة بلقلقات لسان، كما في كل زمان يتسترون بهذا الزي لتقضى مصالحهم وليتستروا باسم دين لا يرضى بهم، ولكن هيهات فلكلٍ نهاية في هذه الحياة وسيأتي يوم الخلاص وكل إلى ربه راجع وبحكمه صائر..
اضافةتعليق
التعليقات