أحست وإحساس المرأة لا يخطئ بأن شيئا غير عادي قد أصاب علاقتها بزوجها انه لم يعد نفس الرجل الذي عرفته وقضت معه أجمل وأحلى سنى عمرها لم تعد ترى في عينيه تلك النظرات التي كانت تجد فيها أكثر من معنى لهذه المشاعر التي يحملها في صدره نحوها حتى حديثه أصبح باردا جاف لا حياة فيه ولا روح ولاشيء في هذا الرجل الذي أحبته وتزوجته ووقفت بجانبه في اقسى ايام حياته, حتى اشرقت شمس الامل بعدما كادت تتوارى خلف ضباب اليأس.
لماذا تغير؟ ماذا حدث؟ هل هذه هي نهاية مطاف زواجهما؟
كلما همت بسؤاله تجده هاربا الذهن عنها, فتعود لتنزوي بسكونها..
تتذكر كيف وثبتّ معه طيلة كل تلك السنوات العجاف كان يصارع الموت بعدما اصابه حادث جعله طريح الفراش قضت اعوام تحت قدميه ترعاه لم تفارق بها الحجرة الا للضرورة ها هي تجني حصاد ما زرعته من حب وتضحية بفراغ وشك بات يقينا بأنه تزوج غيرها هل كان هذا هو رد الجميل....؟
(رحمة) التي تزوجت من ابن عمها بعمر الورد إلا ان الحادث الذي تعرض له جعله عاجزا وطريح الفراش، لسنوات طوال ذبل رحيق شبابها فنست إنها امرأة وعاشت اليه، لم يكن زوجها فحسب بل كان اخيها وابيها وكل شيء في حياتها كانت تشعر انه حياتها بل كل حياتها حتى اقبل اليوم الذي بدأ يتماثل للشفاء وعادت الحياة تدب في جسده النحيل ليعود لمواصلة حياته وتعويض ما فاته, إلا إن الصدمة التي تلقتها كانت أقوى بكثير من صدمة عجزه بعد الحادث وملازمته السرير حينما امتثل أمامها قائلا: "لقد تجاوزتِ الخامسة والأربعين وليس بمقدورك ان تحملي وتنجبي، لهذا تزوجت بأخرى إن إحساسك صحيح" انتفضت بداخلها صرخة مكبوتة اطلقتها قائلة: "لماذا فعلت هذا بي لقد كسرت قلبي, وانا التي كسرت قلبي من اجلك وقتلت داخلي الحنين للأمومة وعاطفتها لأكون معك في محنتك" فأجابها مطالبا بحقه "من حقي ان اصبح اب يكفي ما فاتني".
فهتفت: "وانا... اين حقي؟ .. لو كنت بحثت عنه لنعتني بقليلة الأصل تعطي الحق لك وانا لا...!!
هل هذه نهاية المطاف ان اركن على جنب في زاوية غرفة مظلمة لأن تقدم العمر اطفأ ضوء شبابي.... صمت لم تسمع سوى الصمت كانت عينيه تتلظى حيرة بين حزن وشفقة وبين تأنيب ضمير لم ينبس بكلمة حملتها قدماها نحو باب الحجرة وهمت بالخروج دون ان تعرف وجهتها..
هكذا يكون حال الزوجة المخلصة في نهاية رحلتها الطويلة في هذه الحياة الجديدة التي تسعى في بنائها.. وهي تتحمل العبء الاكبر في اكتشاف القوى الجديدة والابعاد الجديدة والفرص الجديدة التي توفر الحماية لسفينة الزواج وتحول بينها وبين الارتطام بالصخور والغرق في مياه البحر..
فالزوج هو المحرك لهذه السفينة, اما هي فهي دائما الدفة التي توجه سفينة زواجهما الى بر الامان.
الا إنه لم يغرق السفينة بل حطمها لتعود منكسرة تجر خلفها أذيال الألم.
كم قاسي هذا المجتمع وغير منصف حينما تفكر المرأة ان تختار لنفسها حياة جديدة بعدما تتوقف حياتها مع زوجها العاجز الكل ينظر لها بازدراء ويسلب منها حريتها، نحن نتحدث عن ثلة من النساء اللواتي تربين في حجور عوائل محافظة على العادات والتقاليد فلكل مجتمع يوجد رديف منها من تكسر قيود التقاليد لتعيش حرية الاختيار ومنها من تبقى مخلصة لزوجها الذي اقترنت به، هناك من يكون وفيا لرد جميلها بالإحسان وهناك من يطعنها بخنجر النسيان ليكون لامرأة أخرى تاركا خلفه تلك الفراشة التي ذبلت جناحاها وهي تفترشهما من اجل رعايته, متمنيةً أن تعيش داخل نفسها وحيدة بلا زوج لانها في النهاية اكتشفت أن اكبر أوجاعها أتت ممن تحب.. رفقا بالقوارير يا بني ادم لمن تستحق الرفق بها.
اضافةتعليق
التعليقات