وقع الزواج المبارك للإمام علي من فاطمة الزهراء عليهما السلام في 1 ذي الحجة 2 هـ، وسمي بزواج النورين، وتحظى هذه الواقعة بأهمية كبيرة لأنهما من أعظم الشخصيات وأفضل الخلق بعد الرسول [ص] وأئمة أهل البيت [ع] هم ثمرة هذا الزواج المبارك، ويدل أيضاً هذا الزواج على مكانة الإمام علي [ع] عند النبي [ص] حيث اختصه بابنته دون سائر المؤمنين.
قال الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) لابنته فاطمة (عليها السلام): يَا بنية مَن صَلَّى عَليكِ غَفرَ اللهُ لَهُ، وَأَلحَقَه بِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الجَنة.
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: فَاطِمة بضعَةٌ مِنِّي، يُؤذيني مَا آذَاهَا وَيُريِبُني مَا رَابَهَا، إلى غير ذلك من الأحاديث.
فإذا كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحتل هذه الدرجة من المقام الرفيع عند الله، فمن لا يحب شرف الاقتران بها، وإعلان رغبته في التزوج بها من أكابر قريش.
فإنه قد تقدم لخطبتها من أبيها (صلى الله عليه وآله) أبو بكر، وعُمَر، وآخرون، وكل يخطبها لنفسه، إلا أن الرسول (صلى الله عليه وآله) يعتذر عن الاستجابة لطلبهم، ويقول (صلى الله عليه وآله): لَم يَنزِل القَضَاءُ بَعْد.
وقد روى السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلَخَّصُهُ: جاء علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في منزل أم سَلَمة، فَسلَّم عليه وجلس بين يديه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أتيت لحاجة؟
فقال (عليه السلام): نعم، أتيتُ خاطباً ابنتكَ فاطمة (عليها السلام)، فَهل أنتَ مُزَوِّجُنِي؟، قالت أم سلمة: فرأيت وجه النبي (صلى الله عليه وآله) يَتَهَلَّلُ فرحاً وسروراً، ثم ابتسم في وجه علي (عليه السلام) ودخل على فاطمة (عليها السلام)، وقال لها: إن علياً قد ذكر عن أمرك شيئاً، وإني سألت رَبِّي أن يزوجكِ خير خلقه فما ترين؟، فَسَكَتَتْ (عليها السلام).
فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: اللهُ أَكبر، سُكوتُها إِقرَارُها.
فعندها أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة، لِيُعلِن عليهم نبأ تزويج فاطمة لعلي (عليهما السلام).
فلما اجتمعوا قال (صلى الله عليه وآله) لهم: إن الله تعالى أمرني أن أُزَوِّج فاطمة بنت خديجة، من علي بن أبي طالب.
ثم أبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) علياً بأن الله أمره أن يزوجه فاطمة على أربعمائة مثقال فضة، وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة.
إن هذا الموقف النبوي المرتبط بالمشيئة الإلهية يَستَثِير أَمَامنا سؤالاً مهماُ، وهو: لماذا لم يُرَخَّصُ لفاطمة (عليها السلام) بتزويج نفسها؟.
ولماذا لم يُرَخَّص للرسول (صلى الله عليه وآله) وهو أبوها ونَبِيُّها بتزويجها ـ والنبي (صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ـ إلا بعد أن نزل القضاء بذلك؟.
وجوابه: أنه لا بُدَّ من وجود سِرٍّ وحكمة إلهية ترتبط بهذا الزواج، وتتوقف على هذه العلاقة الإنسانية، أي علاقة فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابن عمّه وأخيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي كان كما يُسمِّيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بـ ـ نَفْسِه ـ.
وهو الذي تربَّى في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعاش معه، وشَبَّ في ظلال الوحي، وَنَمَا في مدرسة النبوة.
وهكذا شاء الله أن تمتد ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن طريق علي وفاطمة (عليهما السلام)، ويكون منهما الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة أئمةً وهُدَاة لِهَذه الأمّة.
ولهذا كان زواج فاطمة (عليها السلام) أمراً إلهياً لم يسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه، ولم يتصرَّف حتى نزل القضاء.
اجمل حوار بين الامام علي والزهراء عليهما السلام:
جلس عليّاً وفاطمةَ عليهما السلام في احد البساتين
يأكلان بعض من التمر.. فتداعبا بالكلام..
فقال لها عليٌّ علي عليه السلام: يا فاطمةَ إنّ النبي يُحبّني أكثرَ منك.
فقالت فاطمة علي ها السلام: لا.. بل يُحبّني أنا أكثر منك.
فقال قومي بنا لنسأله.. فجاءا إلى حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم...
فالتفتَ أمير المؤمنين..
قال يارسولَ الله: أيّنا أحَبُّ إليكَ أنا أم فاطمة؟
قال: فاطمة أحَبُّ ولكنّ عليٌّ أعَزّ على قلبي..
فانتفض عليّ قال: يا فاطمة ألم أقل لك أنّي ابنُ فاطمةَ ذات التُقى.
قالت فاطمة: وأنا ابنةُ خديجة الكبرى.
فقال علي: أنا فخر اللوى.
فقالت فاطمة: أنا ابنة سدرة المنتهى.
قال علي: أنا ابن الصفا.
فقالت فاطمة: أنا ابنة مَن دنا فتدلّى وكان مِن ربّه كقاب قوسين أو أدنى.
فقال علي: أنا ولدت في المحل البعيد المرتقى.
فقالت فاطمة: وأنا زُوجتُ في المحل الاعلى.
فقال علي: أنا الشجاع الكمي.
فقالت فاطمة: وأنا ابنة أحمد النبي.
فقال علي: أنا شجرةٌ تخرج من طور سينين.
فقالت فاطمة: وأنا الشجرةُ التي تؤتي اُكلَها كلّ حين.
فقال علي: أنا النبأ العظيم.
فقالت فاطمة: أنا ابنة خير الخلق أجمعين.
فقال علي: أنا الذي اشتقَّ اللهُ اسمي مِن اسمه فهو عالي وأنا عليّ.
فقالت فاطمة: وأنا كذلك فهو فاطر السموات والأرض وأنا فاطمة الزهراء (عليها السلام).
فقال علي: أنا الذي جعل الله نفسي نفس محمّد، حيث يقول في كتابه ( أنفسنا وأنفسكم).
قالت: وأنا أشارك الدعوةَ ياعلي، حيث يقول
{ونساءنا ونساءكم}.
فقال علي: أنا علّمتُ شيعتيَ القرآن.
فقالت فاطمة: وأنا يعتق الله مَن أحبّني من النيران.
فقال علي: يا فاطمة أنا الطور.
قالت: أنا الكتاب المسطور.
قال: أنا الرقّ المنشور.
قالت: أنا البيت المعمور.
فقال علي: أنا السقف المرفوع.
فقالت فاطمة: أنا البحر المسجور.
فقال النبي: لاتُكلّمي عليّاً فإنّه ذو البرهان.
قالت يا أبَ: وأنا ابنةُ مَن اُنزل عليه القرآن مِن الرحمن.
فالتفتت فاطمة إلى أبيها مًحمّد صلّى اللهُ عليه وآله وسلم
قالت يا أبَ: لا تُحامي عن ابن عمّك.. اتركني معه..
فقال علي: وكيف لا يتدخّل.. وأنا منه عُقبته ونُجبته؟
قالت: ياعلي وأنا روحه ولحمه ودمه.
قال: أنا الصحف.
قالت: أنا الشرف يا أبا الحسن..
فقامت فاطمة وقبّلت جبينه وقالت:
أنتَ نون والقلم..
أنتَ مصباح الظُلم..
أنتَ سؤال متى..
أنت نور الأنوار..
أنتَ سرّ الأسرار..
أنتَ آية الجبار.
أنتَ صاحبُ ذو الفقّار البتّار للأعمار..
أنتَ عليّ بن أبي طالب صلوات اللهُ وسلامهُ عليه.
اضافةتعليق
التعليقات