((أعتذر منكم والتمس من قلوبكم الطيبة براءة الذمة.. قبل أن ترفع الملائكة صحيفة اعمالي،
أخجل أن اقول عفوت عنكم لأني لم اجد منكم إلا الخير بل اقول عفا الله عني وعنكم واذكروني في صالح اعمالكم.. اسألكم براءة الذمة.. اللهم أغفر ذنوبنا وارحمنا برحمتك الواسعة في هذه الليلة المباركة.. ليلة القدر خير من ألف شهر)).
ضجت مواقع التواصل الإجتماعي برسائل السماح ومضت ليلة القدر والجميع يشعر ببعض التحسن من تخفيف الذنوب على كاهله ونرجو من الله ان يعفو عنا ويسامحنا، فكما ورد في الروايات الشريفة هناك حق عظيم يجب أن يراعى وهو "حق الناس" ربما الله سبحانه وتعالى يعفو عن عبده المذنب ولكن حق الناس يحتاج الى رضاية الشخص نفسه الذي ظُلِم، كي ينجو الانسان من العذاب!.
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الظلم ثلاثة ظلم يغفره الله وظلم لا يغفره الله وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك وأما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، وأما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد *1.
بعد أن مضت ليلة القدر من المفروض أن يبدأ الإنسان صفحة جديدة ويعزم على بداية جديدة والندم مما فعله وليس اتباع نفس المنهج والأخلاق كما كان يفعل، ففي هذه الحالة يكون قد استهزأ بنفسه عندما تاب وطلب السماح، حيث يقول الإمام الرضا عليه السلام: سَبعَةُ أشياءٍ بِغَيرِ سَبعَةِ أَشياءٍ مِنَ الإستِهزاءِ: مَنِ استَغفَرَ بِلِسانِهِ وَلَم يَندَم بِقَلبِهِ فَقَدِ استَهزَأ بِنَفسِهِ. وَمَن سَألَ اللهَ التّوفيقَ وَلَم يَجتَهِد فَقَدِ استَهزَأ بِنَفسِهِ. وَمَنِ استَحزَمَ وَلَم يَحذَر فَقَدِ استَهزَأ بِنَفسِهِ. وَمَن سَأَلَ اللهَ الجَنَّةَ وَلَم يَصبِر عَلَی الشّدائِدِ فَقَدِ استَهزَأ بِنَفسِهِ. وَمَن تَعَوَّذَ بِاللهِ مِن النّارِ وَلَم يَترُک شَهَواتِ الدُّنيا فَقَدِ استَهزَأ بِنَفسِهِ. وَمَن ذَکَرَ اللهَ وَلَم يَستَبِق إِلی لِقائِهِ فَقَدِ استَهزَأَ بِنَفسِهِ.*2.
من المضحك والمؤلم في نفس الوقت أن يرى الإنسان هذا الكم الهائل من رسائل السماح، ولكن لا يرى أي تغيير في سلوكه أو سلوك من حوله فأسوأ الكلمات حين تكون مجرد ضيوف عابرة تأتي على شكل عاصفة ويسوء الجو بسببها، فلنقف وقفة تساؤل مع أنفسنا..
ماذا بعد ليلة القدر؟
هل تغيرنا؟
هل تركنا الصفحة السوداء وانتقلنا إلى الأمام أم لازلنا في تلك الصفحة نفعل كما كنا ولكن نردد بضع كلمات جميلة على لساننا؟
هل تركنا الحقد والبغضاء و كلام السوء أم لازالت رائحة الحقد الدفينة في جوفنا تؤثر على عقلنا وأفعالنا؟
هل تركنا المعاصي بعد سُبْحانَكَ يالا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ، خَلِّصْنا مِنَ النّارِ يارَبِّ؟
فلنقرأ الأدعية ونطالب السماح بصدق، ربما يسامحنا من أخطأنا في حقه ولكن هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
يجب أن نخطو خطوة نحو الأفضل ونترك زلات اللسان وأفعال السوء وليس تكرار المسرحية نفسها، فلا تدري نفس ماذا تكسب غداً..
اضافةتعليق
التعليقات
2024-03-28