عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعُجِنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا (١).
قد يتبادر إلى ذهن الكثير منا سؤال محيِّر عند قراءة حديث الإمام الصادق (عليه السلام) وعند معرفة أن الشيعة خلقوا من فاضل طينة أهل البيت (عليهم السلام) وهذا السؤال المحيِّر هو أننا نرى الكثير ممن ينتمون الى التشيع يفعلون الذنوب والمنكرات، فكيف لتلك الأجسام أن يكون أصل خلقها وتكوينها تلك الطينة المباركة؟!
نحن إن دققنا وبحثنا عن معنى كلمة (الشيعة) وعرفنا من هم الشيعة لارتفع هذا الإبهام وهذا التساؤل، فإن للشيعة صفات إن توفرت في الشخص الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) كان شيعياً وهو من اللذين خلقوا من فاضل طينة أهل البيت (عليهم السلام) وهذه الصفات ذُكِرَت في البحار في حديث طويل نذكر منه موضع شاهدنا :
عن الصدوق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
(... إنما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآناف، ودثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هيجت العبادة وجوههم، وأخلق سهر الليالي، وقطع الهواجر جثثهم، المسبحون إذا سكت الناس، والمصلون إذا نام الناس، والمحزونون إذا فرح الناس [يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة، وتشاغلهم بالجنة] (2).
وفي البحار أيضاً عن كتاب ( صفات الشيعة ) في حديث طويل للصدوق رحمه الله بسند صحيح عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه قال: ( ... شيعتنا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت الحرام ويصومون شهر رمضان ويوالون أهل البيت ويتبرأون من أعدائهم )(٣)
فمن توفرت فيه هذه الصفات فهو من الشيعة الذين خلقوا من فاضل طينة أهل البيت (عليهم السلام) والمقصود من الفاضل في اللغة الباقي الزائد عن الحاجة.
وإن في معنى خلقوا من فاضل طينتنا وجوه :
-الأول: أن المقصود من فاضل الطينة ، بقيَّتها، أي فضلة الطينة، وما تبقى منها بعد الخلق، فيكون معنى الحديث: أن الله تعالى خلق شيعة آل محمد من بقية طينتهم التي خلقوا منها.
-الثاني: أن المقصود من فاضل الطينة نفس الطينة موصوفة بالفضل ، والشيعة إنما خلقوا من نفس هذه الطينة الموصوفة بالفضل التي خلق الله منها آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم، فطينة آل محمد وطينة شيعتهم واحدة.
-الثالث: أن المقصود بفضلة الطينة، شعاعها، فطينة آل محمد (عليهم السلام) هي نور ولكل نور شعاع، فخلق الله شيعتهم من شعاعهم، ولذلك سموا (شيعة) اشتقاقاً من الشعاع ، وهو تفسير بالتأويل.
إذن فالمقصود من الشيعة الذين خلقوا من فاضل طينة أهل البيت (عليهم السلام) هم من توفرت فيهم الصفات المذكورة في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وإن تسمية الشيعة _أبناء المذهب الجعفري_ بهذا الاسم لا يعني أنهم جميعهم تتوفر فيهم هذه الصفات ، في الحقيقة إنهم موالين والبعض منهم شيعة (من تتوفر فيه صفات الشيعة فقط) وإنما أُطْلِقت عليهم لفظة الشيعة لأن معناها هو الأتباع والأعوان والأنصار، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أي أعوان وأنصار، والشيعة في الجماعة المخصوصة، والجمع تَشَيّع وأصلها الفرقة من الناس كما ورد في القرآن الكريم:《 ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا 》سورة مريم الآية 69 ، وغلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يوالي علياً وأهل بيته (عليهم السلام) حتى صار اسماً خاصاً لهم.
اضافةتعليق
التعليقات