قد نشخص أحياناً أن مجتمعنا بات ينحرف عن القيم الإلهية، أو أن هذا العرف السائد في البلد من إنتاجات الشيطان وهذا السلوك المتفشي بين إخواننا وأقراننا مما لا يرضي الله... ولكن لا نجرأ على مخالفة العرف ولا نستطيع ترك ما يهواه المجتمع والتحرك إلى ما يرضاه الله وبالتالي نعجز عن اختيار الصواب وإن كنا قد عرفناه.
والسبب واضح، إذ يعتقد أكثر الناس بأنهم لو خالفوا العرف في بعض المسائل سوف يتهمون ويطردون ويستهزأ بهم وبالتالي سوف يفقدون كل اعتبارهم ومكانتهم في المجتمع ويبقون وحيدين غريبين يعيشون حياة الذل والشقاء... هذه رؤية أكثر الناس.
أما إذا راجعنا القرآن الكريم، نجد أن الله قد وعد المؤمنين المتقين باليسر وضمن لهم السعادة في هذه الدنيا فضلاً عن الآخرة حيث قال تعالى في كتابه الكريم: "وَمَنْ يَتّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً" [الطلاق:٢] و "وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَل لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق:٤].
فإذا كان مقتضى التقوى مخالفة العرف وعدم اتباع سلوك الناس، فقد تكفل الله بأن ذلك لا يؤدي إلى شقائنا وتعاستنا.
إن الله يعد الناس ولكن لا يشرح خطته في التنفيذ، إذ أعد لكل إنسان ولكل قضية خطة معينة، فيبقى الإنسان جاهلاً بما سيفعله الله لحل الأزمة والمشكلة.
وهنا يتضح الفارق الرئيسِ بين المؤمن الحقيقي وغيره، حيث يحظى المؤمن بروح الاعتماد والثقة بالله "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" فيغامر ويؤدي تكليفه الشرعي حتى وإن استصعب نتائجه وفق المحاسبات المادية، ثم يقف محتسباً ليشاهد الدور الإلهي في إنهاء القصة لصالح عبده المؤمن رغماً لكل الحسابات المادية والدنيوية.
وقد تجلت هذه الحقيقة بكل وضوح في قصة أصحاب الكهف، إذ كل الحسابات المادّية تحكم على المتمرد الفارّ من المجتمع بالهلاك والنسيان، لكن الله قد شاء غير ذلك وأراد أن يخرجهم من الأزمة.
طبعاً كان من الممكن له أن ينجي أصحاب الكهف بطريقة طبيعية، فلماذا أنهى القصة من حيث لا نحتسب لعله أراد أن يخاطب كل فرد منا ويقول: لو كنت من أهل المغامرات ستجدني أهل المفاجئات.
اضافةتعليق
التعليقات