وردتنا مشكلة من السيدة ((حنان)) تقول فيها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد ما قرأت موضوعكم طفلي يكذب ولما فيه من المعلومات والنصائح، فكرت ان اطرح عليكم مشكلتي، ولدي الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، ومشكلتي بدأت منذ عامين تقريبا، عندما لاحظت اشياء غريبة في حقيبته، سندويش، وعصائر، بعيدا عن الالوان والالعاب، كنت ابرر ما أرى واقول لنفسي، لعل والده اعطاه، او زملائه، في داخلي كان بركان يغلي لا اعلم ماذا أفعل؟.
في يوم الخميس وعند نهاية الدوام المدرسي اتصلت بي ادارة المدرسة لتبلغني ان ولدي تم فصله ونهائيا، اغلقت سماعة الهاتف قبل ان تكمل حديثها المعاونة، خرجت مسرعة وكأن النار تحرقني، لماذا يا ولدي؟ وصلت الى ادارة المدرسة، الخجل يأكل جسدي، تمنيت ان اضربه او ان اقول لا ليس هذا ولدي !!، مهما فعل يبقى ولدي، من ذلك اليوم وانا لم انسَ انه سرق يوما، ثقتي تحطمت به، ارجو منكم ان ترشدوني الى طريقة التعامل مع ولدي ولكم الشكر والتقدير.
المرشدة / اعانك الله اختنا الفاضلة واليك الرشد والنصيحة من موقع بشرى حياة..
يلجأ الأطفال للسرقة لأسباب ودوافع مختلفة، تدفع الطفل لذلك السلوك، فالطفل عندما تمتد يده لسرقة لعبة أخيه، او طعامه، لا يفعل ذلك بدافع السرقة، ولكنه يجهل معنى الملكية، فهو يعتقد أن ما فعله ليس أمراً مشينًا ولا مذمومًا؛ ان كان دون سن السادسة، ان في هذا العمر يمكنه التمييز بين ماله أو ممتلكاته وما ليس له أو ممتلكات الآخرين، ومثل هذه الحالة نعم يعتبر سارقا.
لا تأخذي سرقة طفلك كأنها فشل شخصي أو إهانة لك. ولا تقابليها بالصراخ فى وجه الطفل، أو ضربه، ولكن حاولي أن تقتربين منه لكي يتغلب على هذه المشكلة، وعليكم ان تظهروا اهتماماً كبيراً بذلك، ففي كل عام يذهب حوالي 25000 طفل إلى الإصلاحية بسبب السرقة.
ماهي أسباب السرقة:
إن الأطفال يسرقون عندما يدركون أن ما يأخذونه يعود لغيرهم، او ليس من حقهم امتلاكه، وقد يكون عن حاجة وحرمان، او انه يوجد نقص ما في بعض الأشياء وبذلك يضطر للسرقة لتعويض ذلك النقص، والبعض من الأطفال تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون بها، أذا كان الوالد مدمنا على الكحول وهذه عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل هذه الظروف، شعور بعض الأهل بالسعادة عندما يقوم ابنهم بسرقة شيء ما وبهذا يشعر الطفل بالسعادة ويستمر في عمله، وبعض الأطفال يقومون بعملية السرقة لإثبات أنهم الأقوى خصوصا أمام رفقاءهم، ولعلهم يتنافسون في ذلك، وبعضهم يشعر بالمتعة وهو يسرق، وقد يكون لرغبة في تقليد من هم أكبر منه سنًّا، الوالد أو الأخ أو غيرهم ممن يؤثرون عليه في حياته.
الوقاية من السرقة :
زرع بذرة القيم والاخلاق، على الأهل أن يعلموا الأطفال القيم الحميدة، وتوعيتهم من خلال الدروس الدينية التي تناسب اعمارهم، ان الحياة ملك للجميع ولهم الحق في ان يملكوا وليس لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، نشوء الطفل في جو يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لهذه المعايير، كثرة اعطاء المصروف او منعه، عدم ترك أشياء ذات ثمن وتغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة، مثل النقود والمجوهرات وان كانت قليلة، الطفل السارق يسعى إلى إخفاء ما سرقه، بحيث يصعب توجيه الاتهام إليه أو إثباته، وغالبًا ما ينكر قيامه بالسرقة خوفا من العقاب؛ سواء من جانب والديه، أو المدرسة.
_ عند حدوث سلوك السرقة يجب على الأهل البحث عن الخطأ والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه.
_ وأن يعيد الأهل ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع الاعتذار منه ودفع ثمنه إذا كان الطفل قد صرف واستهلك ما سرقه، على ان لا تجرح مشاعر طفلك او اهانته امام الشخص المقابل حتى لا تزرع العنف والكراهية في قلبه.
_ التحدث مع الطفل ومعرفة الاسباب التي دفعته الى السرقة، وقول له ماذا تفعل ان كنت محل هذا الشخص؟ ماذا لو سرق منك؟.
_ الطفل يسرق بسبب الحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراكه لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وبالتالي الفهم الصحيح للسبب
_ يجب عدم التصرف بعصبية ويجب ألا تعتبر السرقة فشل لدى الطفل، ولا يجب أن تعتبر أنها مصيبة حلت بالأسرة، بل يجب اعتبارها حالة خاصة، وألا تكون هناك مبالغة في وصف السرقة، والمهم في هذه الحالة أن نخفف من الشعور السيئ لدى الطفل بحيث نجعله يشعر بأننا متفهمون لوضعه تمامًا، وألا تُوجَّه تهمة السرقة للطفل مباشرة كقولك: انت سارق، او يدك طويلة.
_ عليكم بالمراقبة سلوكيات أطفالكم كالسرقة والغش، ومراقبة أنفسكم؛ لأنكم النموذج لأبنائكم، وعليكم مراقبة سلوكياتهم وألفاظهم وخصوصا الألفاظ التي يلقِّبون بها الطفل حين يسرق، كما يجب أن يشرح له أهمية التعبير، ومعرفة الأهل أن الأطفال حين يقعون في مشكلة فإنهم بحاجة إلى مساعدة وتفهم الكبار ومناقشتهم بهدوء.
_ تجنبي الحديث عن العقوبة، فلو كانت العقوبة تصلح لصلح السارقين الكبار، الأفضل أن تقول كلمات ذات مغزى تجعله يفكر في سمعته، وكيف السارق مذموم من المجتمع.
في ختام الحديث، مع أن السرقة عند الأطفال هي مشكلة سلوكية مثلها مثل الكذب، والعناد، والغضب، وليس هناك داعي للقلق الزائد من الآباء والأمهات حتى يمكن تعديل هذا السلوك عند الطفل بسهولة. وعلى ان ألا يصاب الآباء بصدمة نتيجة سرقة ابنهم وألا يأخذوا في الدفاع عنه حتى لا يتطور الأمر ويبدأ الطفل بالكذب توافقا مع دفاع أهله عنه، كقصة البيضة والجمل التي كانوا يحكوها الاجداد سابقا، بل الواجب أن يتعاونوا من أجل طفلهم اولا ومجتمعهم ثانيا.
اضافةتعليق
التعليقات