يعتمد يوسف على أبويه في كل صغيرة وكبيرة فهو الولد المدلل لديهم فلا يوجد سواه في العائلة وحينما مرض والده ولازم الفراش كان يوسف يجهل كل احتياجات البيت وصولا إلى تجارة أبيه فقد كان يقضي معظم وقته برفقة أصدقائه الأمر الذي عرض تجارة أبيه لخسارة جمة..
تتبع الكثير من العوائل تربية خاطئة لأبنائها من خلال عدم توجيههم بالاعتماد على أنفسهم في قضاء حوائجهم الشخصية مما يجعلهم ينشؤون جيل اتكالي لا يتحمل أعباء أي مسؤولية تناط لهم في المستقبل..
(بشرى حياة) كان لها هذا الاستطلاع للتعرف على تبعات الاتكالية وما لها من تأثير سلبي في حياة الأبناء..
الاتكالية في أعمال المنزل
بدايتنا كانت مع أم مريم حيث أعربت قائلة: في صغري لم أكمل تعليمي حيث أنهيت مشواري الدراسي في المرحلة الابتدائية ولم يكترث والداي للأمر ورحت أنطمس في أعمال البيت حتى تزوجت لأدرك أهمية التعليم إذ لم يكن بمقدوري متابعة واجبات أولادي وقد كنت أشعر بحزن بالغ حيال هذا الأمر.
وأضافت: منذ ذلك الحين وأنا أحمل على كاهلي كل أعباء البيت لتتفرغ ابنتي مريم إلى دراستها تماما لتنال أعلى الدرجات، وهذا كان أكبر خطأ ارتكبته في تربيتها إذ أصبحت تعتمد عليّ بكل شيء (غسل ثيابها، تحضير الطعام، ترتيب سريرها، خزانة ملابسها) حتى بعد تخرجها كانت لا تبادر بأي عمل في المنزل وكانت لا تبالي بمساعدتي ولا عند تكليفي لها بالعمل حتى بت أخشى أن تكون طباع ابنتي سبب في فشل زواجها في المستقبل.
ختمت حديثها: يفترض على الأبوين أي يوازنوا في تربية الأولاد من خلال تعليمهم الاعتماد على أنفسهم والاهتمام بدراستهم ويستغلون العطل الربيعية والصيفية لمساعدة ذويهم فالتعاون يصنع منهم جيل يشعر بالمسؤولية وليس اتكالي.
المال أولاً
فيما قال الحاج أبو سرمد بندم شديد: لقد كانت طريقة المثالية على حد اعتقادي هو التعامل مع ابني بالمال حتى حينما يقضي لي عمل ما سواء إن كان للبيت أو للآخرين يكون بمقابل حتى أصبحت لغته المادة.
وأضاف: ترعرع سرمد على هذه العادة السلبية فكان لا يساعد أصدقائه بدافع الحب والتعاون والتآخي بل يجب أن يكون هناك مقابل.
وكان يمارس دور الاتكالية بحرفة فلا يبالي بمسؤوليات البيت حتى حينما تقدمت بالعمر فلا يكترث بدوره كالابن الأكبر وعليه تحمل أعباء البيت من مصاريف أو صيانة بعض الأعمال المنزلية .
وتابع قائلا: من الضروري جدا أن نربي أبنائنا على حب التعاون وعدم المقايضة والتعاون من باب المحبة والاحترام وليس خوفا أو بمقابل سواء إن كان ماديا أو شيء آخر، حاولت مرارا أن أعيد سلوك ابني إلى جادة الصواب إلا أني فشلت فقد تأخرت كثيرا (فمن شب على شيء شاب عليه).
الاتكالية ودور الأبوين
من جانبها قالت الاستشارية النفسية نور الحسناوي:
إن أسباب الاتكالية تعود إلى غياب دور الأبوين في التربية السليمة وتلبية احتياجاتهم الضرورية وغير الضرورية دون محاسبتهم وتوجيههم وترتبط هذه الصفة السلبية بعدم وجود تواصل اجتماعي بين أفراد الأسرة حيث تنعدم معرفة الوالدين بتفاصيل أبنائهم الخاصة والعامة.
وأضافت: ويعتبر السبب الدقيق حول اكتساب الفرد للشخصية الاتكالية غير معروف تماماً، ولكن يعتقد الباحثون أنها تحدث نتيجة مزيج من العوامل البيولوجية، والتطورية، والمزاجية، والنفسية، فقد يكون السبب هو نشأة الفرد مع أبوين مستبدين أو مفرطي الاهتمام.
وفقد تؤدي العلاقات المؤذية وحوادث الطفولة أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الاتكالية.
ويُعد العلاج النفسي أحد الخيارات العلاجية الأولى والتي تُساعد بالسيطرة على أعراض اضطراب الشخصية الاتكالية، ومنها العلاج السلوكي والعلاج النفسي الديناميكي والذي يهدف إلى تعلم سلوكيات جديدة.
فضلا عن، التثقيف فعلى الأصدقاء والعائلة دعم الفرد المصاب بحالة الاتكالية ليشعر بالتحسن فعند حصوله على الدعم الكافي من الآخرين، يساهم جدا في التغلب على حالته.
كما هناك عقاقير تساعد في السيطرة على أعراض المرض، مثل مضادات القلق ومضادات الاكتئاب والأدوية المثبتة للحالة المزاجية ولكن لا أنصح أبدا بتعاطيها ويفضل معالجتها سلوكيا فالعقاقير لها أعراض جانبية.
وتنصح الحسناوي، بأن يطور الأهل مهارات التواصل لدى الأبناء وأن يعرضوهم لخبرات حياتية تساعدهم بالاعتماد على أنفسهم وتوكيل لهم مهام تناسب أعمارهم ليشعروا بالمسؤولية ازاء متطلبات الحياة.
فكل شخص قابل للتغير إن أراد ذلك فعليا فالنجاح يمكن أن يحققه الفرد من خلال المهارات الاجتماعية وليس بالضرورة بالشهادة الاكاديمية.
اضافةتعليق
التعليقات