دعنى أطرح عليك سؤالا : كيف ترى نفسك ؟ أو بمعنى آخر، ما تصورك لذاتك؟
لا يوجد شك في قدرتك على الرد بسرعة على هذا السؤال، لكن هلا قضيت بعض الوقت لتفكر بجدية في نفسك! لا تفكر فيما قد يعتقده الناس لأنهم قد يكون لديهم انطباع خاطئ بالكامل عنك، لذا فكر فيما تراه في نفسك بالفعل.
بعض الناس بتحقيقهم النجاح في الحياة يعظمون من "الأنا" بداخلهم، ثم يتولد لديهم نهم لإشباع هذه الأنا. ومع أن من المهم أن تتواجد بداخلنا جميعا تلك الأنا، إلا أنه لا يفترض بها أن تتعاظم لتصل إلى حد المشكلة. وهناك مقولة تقول: "كلما تعاظمت الأنا، تضاءل رصيدك فى البنك". وأتذكر مواطنا أستراليا قال لي منذ سنوات عديدة مضت "كن رقيقا مع الناس في طريقك للصعود، لأنك ستقابل نفس الأشخاص فى طريقك للهبوط مرة أخرى".
إنها نصيحة مفيدة للغاية، ومن واقع تجاربي الشخصية مررت بالفعل بالعديد من مواقف الصعود والهبوط في الحياة، وكانت هذه النصيحة ذات أثر عظيم وساعدتني حقاً في هذه المواقف.
إن صورتك الذاتية هي مفتاحك لتحقيق النجاح، فأنت تعمل وتتصرف تماما كما تتصور ذاتك، لذا فإن رأيك في نفسك مهم للغاية إذا كنت تطمح إلى تحقيق النجاح حقاً ونحن جميعا سمعنا بالطبع عن المصطلح القائل إن "بعض الأشخاص هم أسوأ الأعداء لأنفسهم" إن هذا حقيقي فهم أعداؤها بالفعل.
في بعض الأحيان يعانى الناس من عقدة نقص أو دونية، وإذا كنا صريحين مع أنفسنا حقا فسنقر بأننا جميعا مررنا بهذه الحالة فى إحدى مراحل عمرنا أو في بعض المواقف المحددة، لكن مع ذلك يعتبر التصور السيئ لأنفسنا مشكلة أكبر بكثير من مشكلة مشاعر الدونية العرضية التي نشعر بها من آن لآخر، لأن الشخص ذا التصور الضئيل لذاته ينشر مشاعره وتصرفاته السلبية بين كل من حوله.
من المؤكد أنك رأيت مؤخرا أحد أصدقائك الخاضعين لضغوط كثيرة: مشاكل زوجية، وضغط في العمل، وإحباط، وبالطبع تقدير ضئيل للذات، وتصبح هذه الأشياء واضحة جدا على مظهرهم أو ملموسة في طريقة حديثهم؛ فهم لا يهتمون بمظهرهم الخارجي (اهتمامهم قليل بشكل شعرهم وشكل مساحيق التجميل ونظافتهم ورائحة أجسامهم).
وهناك أشخاص آخرون يأكلون بإفراط ليعانوا من السمنة بعد ذلك، ويمكن لهذا أن يؤثر على الطريقة التي يمشون ويقفون بها، وقد ينتهى بهم الأمر وهم يتجنبون من حولهم لينسحبوا بعيدا بمفردهم.
إن بعض المشاكل التى ذكرتها الآن يمكن وصفها بأمانة وتبريرها على أنها "خارجة على قدرة الفرد على التحكم فيها "، وهناك أشياء تحدث وتكون في بعض الأحيان خارجة على سيطرتنا لكن هناك أيضا أشياء ناتجة عن ضغط صادر من الذات ويمكن تجنبه.
من المهم جدا أن تدرك أن التقدير الضئيل للذات يحافظ تلقائياً على استدامته وبقائه داخل الإنسان، وبالتالى تميل سلوكيات هذا الإنسان إلى التكرار والاستمرار في إعادة لعب النماذج القديمة. وعلاج هذه المشكلة بسيط يجب عليك أن تغير الطريقة التى تنظر بها إلى نفسك.
إن أغلب الناس لا يدركون أو يختارون عدم تقبل حاجتهم للتغير، وهناك نوع آخر غير عادي من الناس يبدون كما لو أنهم يستمتعون بالانغماس في الإشفاق والرثاء لأنفسهم، وإلى حد ما يصبح هذا هو مصدر الأمان بالنسبة لهم، ويخيفهم النجاح والإنجاز لأنهم سيقضون الكثير من وقتهم وهم يفكرون في وضعهم الحالي وفي كيفية تحطيم القوالب التى حبسوا أنفسهم فيها وهو ما يعتبر شيئاً غاية في الصعوبة بالنسبة لهم فتنهار معنوياتهم ويتضاءل تقديرهم لذاتهم بشكل أكبر وأكبر.
في أغلب الأوقات يتم الحديث عن الثقة في الذات من وجهة نظر سلبية، بسبب تركيز الناس على نقص ما وانخفاض مستوى ثقتهم بأنفسهم بدلا من التركيز على البحث عن طرق لبناء وتأسيس تلك الثقة.
منذ فترة قصيرة أنتجت شركتي شريط فيديو يسمى "كيف تبنى ثقتك بنفسك" ، وتم إعطاء هذا الشريط ، من بين شرائط أخرى عديدة، لأحد البنوك البريطانية الكبرى
( إتش إس بى سى ) ليتم ضمها جميعا إلى المكتبة هناك بين ٥٠٠ كتاب ، وشرائط كاسيت وفيديو، وكانت المكتبة مفتوحة لكل موظفي البنك ليستخدموا ما يشاءون من هذه المواد مجانا، فأصبح هذا الشريط أهم وأكثر هذه المواد استخداما.
بالطبع، لقد أصبحنا جميعا مهتمين بمعرفة السبب وراء شعبية هذا الشريط، وأثبتت أبحاثنا أن عدداً قليلاً جداً من الأشخاص هم من يتحدثون مع أي شخص آخر عن نقص ثقتهم بأنفسهم، ناهيك عن التحدث في هذه المشكلة مع المشرفين المباشرين لهم في العمل لكن عندما أصبحت الفرصة متاحة ليجدوا حلولا لمشكلتهم وبشكل شخصي بدون معرفة أي أحد بدأوا في العمل بالفعل على تحسين مستوى ثقتهم بأنفسهم. وتشير الأبحاث التي أجريناها إلى أن العديد من الناس لديهم الاستعداد للعمل على تطوير ثقتهم بذاتهم فالكثير منهم يعتقدون أن الثقة بالنفس قاعدة مهمة من قواعد النجاح والإنجاز وتكوين الصورة القوية للذات واكتساب احترام الآخرين.
ونحن جميعاً نمر بحالة من انعدام الثقة بالنفس من وقت لآخر، خاصة ونحن نفعل شيئاً جديداً لأول مرة لكن الثقة تأتي من التكرار المستمر لنشاطات بعينها. ومن المؤكد أنك سمعت أشخاصا يقولون: "لدي ١٥ عاما من الخبرة"، وهذه المقولة في كثير من الحالات قد تعني خبرة عام واحد تم تكرارها ١٥ مرة وفي نفس الوقت تنمو الثقة بالنفس بمرور الأعوام وتكرار الخبرات.
إليك، على سبيل المثال، رجل شرطة فى زيه الرسمي يقوم بدورية في الشوارع كل يوم بعد فترة من الوقت سيصبح واثقا في نفسه إلى أقصى درجة أثناء القيام بهذه المهمة لكن إذا طلبت منه أن يقوم بإلقاء خطاب على ٢٠٠٠ شخص في مركز ويمبلي للمؤتمرات، ستجده بالطبع يفقد ثقته بنفسه بمجرد تلقيه هذه الدعوة.
لقد تمت تهيئتنا جميعا بواسطة تجاربنا في الحياة، لذا فإن ردود أفعالنا ومشاعرنا وعواطفنا وتخيلاتنا وثقتنا في أنفسنا تتطور من خلال ثلاثة أشكال للتهيئة والتكوين: طفولتنا، والبيئة المحيطة بنا، وكيفية تعاملنا مع التجارب السابقة. وعلى الرغم من هذا، لا يعتبر واقع أننا تمت تهيئتنا سببا لتقبل ما نحن عليه، كما لا يعتبر عذرا لنا لكي لا نحاول التغير؛ وهو بالتأكيد ليس قاعدة تمكننا من قول: "إن هذا يمنعني من تحقيق ما أرغب فيه" فأنت إذا استوعبت التهيئة التي حدثت لك في الماضي واستغللتها بشكل إيجابي، قد يصبح التعامل معها واحدة من المراحل الموجودة في خريطة وصولك إلى النجاح.
اضافةتعليق
التعليقات