كان عاشقاً بجنون لا يرى بعين قلبه سوى معشوقته التي لم يكن صعباً عليها تمييز ذلك فتصدّرت على عرش قلبه..
كان يصعد سيارته ويقودها بشكل جنوني إرضاءا لرغبات الحبيبة تلك، فيتجوّل في أزقّة المدينة فيراه القاصي والداني ويعجبون من طيشه..
يتهامسون بينهم انّ حبيبته لم تكن بذلك الجمال الفاتن كي يعشقها حد الجنون هكذا،
وما الذي يميّزها عن الغير حتى اختارها، لم يعلموا انه احبها بقلبه ولم يرى شكلها ابداً؟!
كانت تقف من وراء الستار وتحبس في قلبها ضحكة فلطالما غدرت بأمثاله من قبل، فإنّ لها مجانين كُثر فهي ضاهت ليلي اذ كان لها مجنون واحد هو قيس…. اما هي فمجانينها لايحصون.
ذات مره خرج يبحث عنها ولم يجدها في اي مكان، ضاقت عليه الدنيا وراح يركض في الشوارع يسأل اي شخص يمر علّه رآها الى ان وجدها تقف مع احدهم والابتسامه ملئ وجهها، لم تلاحظ وجوده فقد كانت مشغولة بمفاكهة شخص آخر، هاله الامر.. خرج هائما على وجهه في قفص هذه الدنيا، أوقفته رجلاه عند مكان شامخ له بوابة كبيرة وقبّة سامية، يحسب الناظر اليها انها تعانق السماء.. يالغرابة الامر، لم تلمس رجلاه هذا المكان منذ زمن فقد كان مشغولا بارضاء عشيقته التي ذهبت لغيره ولم تكلّف نفسها حتى بكلمة وداع واحدة تطفئ بها جمر قلبه.
ولكن لايهم فهو الان افضل حالا بعد ان نزل درجات هذا السلم لصاحب القبّة.. وجد كتيب صغير فيه تعريف بحياة صاحب المقام.. عنوانه: من وحي القيود، وفي اول وريقة منه كتب( قد يتقيد البشر بقيد المعصية ويبقى لزمن وهو ساهي عن هذه القيود لا يشعر بنداء الضمير بالابتعاد عن هذه القيود اللئيمة التي لاتريد له الا الشر وقد يكون شعوره بعد فوات الأوان).
وكأن هذا الكتاب قد حل لغز محير عنده لسنين فالتي يحبها لم تكن جديرة بالحب انها المعصية وهي مع الخطيئة وجهان لعمله واحده يجذبن بني البشر الى رواقهن بتصنع ويتركنه ان كان محظوظا.
أكمل قراءة كتيب من وحي القيود: (لكن قد يكون توهج البعض ساطعا فتتوب المعصية على يديه وتبكي الخطيئة عند رجليه طالبة للتوبة).
نعم انه موسى بن جعفر(ع).. الملقب بالكاظم، جعلوا الاغلال الظاهرية بيديه ورجليه واقبعوه السجن ظنّا منهم انه ككل البشر عاجلا ام اجلا سيخضع وتتحول القيود التي اثقلوه بها الى قيود تحبسه عن الطاعة، ولكن على العكس انبهرت المعصية من عبادته وزهده وانصهرت امامه وتصاغرت حتى اصبحت ذرة في الوجود فالذي يدخل لهذا المكان ويزور هذا القبر يشهد اضمحلال المعصية.
بكى على الأعتاب ومرّغ خديّه طالبا التوبة.
سمع نداءا من داخله.. ياهذا انّ التوبة هي من اتت اليك والمعصية هي من خانتك وهذا كله من فعل وحي القيود انها ليست كأي قيود انها اغلال موسى ابن جعفر!!
اضافةتعليق
التعليقات