بينما أنت في العمل أو مع العائلة أو أي مجموعة أخرى، يصدح صوت إشعار لرسالة جديدة في هواتف الجميع وفي الوقت ذاته! هل هناك يا ترى دردشة جماعية في مجموعة خاصة لستَ فيها؟ تلاحظ ضحكات مشتركة، نظرات وهمسات، كأنهم يتفقون على شيء سري تجهله تماماً. هل هناك يا ترى وجبة فطور أو غداء ما بعد العمل لا تعرف عنها؟ هل يخططون لحفل عيد ميلاد أحدهم دون أن تكن ضمن المدعوين! تشعرُ أحياناً بالحُمق كونك لست فرداً مقدّراً في مجموعةٍ ما، حيث يشكل الانتماء لهكذا مجاميع نوع من القوة الاجتماعية (وإن كانت قوة مزيفة) يستطيعون من خلالها أن يحققوا ما يصبون إليه في نواحي العمل والتعامل مع المدراء وفي النواحي الشخصية مثل المشاوير والاجتماع على الوجبات في المطاعم.
إذا كنت قد واجهت أيًا من هذه المواقف (أو شيئًا مشابهًا) بشكل مباشر، مما أدى إلى شعورك بالرغبة الشديدة في أن يتم تضمينك في هكذا مجموعات أو ربما الشعور بالإحراج وقلة الثقة بالنفس بسبب شعورك بالإقصاء والنبذ، فأنت لست وحدك على الإطلاق. يقول د- ويليامز، عالم النفس الاجتماعي الذي يدرس عن النبذ والأقصاء، لـ SELF: "نحن حساسون جدًا لعلامات التجاهل والإقصاء، إننا نلتقطها بسرعة كبيرة وفي كثير من الأحيان بشكل مبالغ به."
لماذا يسبب الإقصاء ألماً عميقاً؟
ربما تتساءل: ولكن لماذا لا أزال أهتم بكل هذا وأنا شخص بالغ وناضج، وما ضّرني لو لم أكن انتمي لأيٍ من مجموعاتهم تلك؟ أو ربما تدرك منطقيًا أن كل ما يثير فيك الشعور بالرفض ربما لا يحتاج بالضرورة أن تأخذه على محمل شخصي. قد تقول لنفسك: هؤلاء أشخاص بالغون يمارسون حياتهم؛ ليس من الضروري أن يكون الجميع أصدقاء مع الجميع! لكل شخص حرية التعامل والانتماء لأي مجموعة يختارها، ثم لو شئت أنا لانضممت لهم، لكني لا أريد.. على أية حال، فقائمة المبررات التي تفسر لماذا لا ينبغي أن تشعر بالسوء تطول. ومع ذلك، لماذا نتألم بشدة عندما نجد انفسنا خارج سرب المجموعة؟!
وبغض النظر عن الألم، فإن الآثار النفسية للشعور بالإقصاء ليست مزحة أيضًا. يقول الدكتور ويليامز: "إنه يهدد الحاجة إلى الانتماء". "إنه يهدد الحاجة إلى الحفاظ على احترام الذات وبناء الشخصية الواثقة التي لا تحتاج أن يكمّلها أحد. إنه يهدد الحاجة إلى الشعور بأنك تسيطر على وضعك الاجتماعي، وهو يهدد إحساسك بالانتماء واستحقاق الاهتمام، كل هذه الأشياء هي اللبنات الأساسية لما يسميه الدكتور ويليامز "الوجود ذو المعنى".
كيفية التخفيف من حدة الرفض:
بعد تعرضك لهكذا مواقف، وفقًا للدكتور ويليامز: فأن رد فعلك الأوليّ يمكن تجاوزه، ولكن يجب أن تتعرف على التأثير النفسي الداخلي اللاحق الذي يجب علينا أن نعالجه ونحدده بالضبط. في اللحظة التي تنتابك هذه المشاعر الثقيلة، يمكنك التركيز على نفسك ومحاولة تهدئتها من نوبة الانزعاج التي بدأت تسيطر عليك أو تشتت تركيزك مقطع فيديو مضحك، أو التواصل مع الأشخاص (أو الحيوانات) الذين يشعرونك بالدعم، أو أخذ أنفاس عميقة هادئة وتركيز النظر لمكان ما بعيداً عن مكان الحدث او الأشخاص من حولك.
إذا استمر هذا الشعور الثقيل بالسيطرة عليك، فقد تحتاج إلى تخفيفه بطريقة أخرى، اسأل نفسك "ما الذي أشعر به؟". من المؤكد أنه قد يكون من الصعب عليك تحديد نوع شعورك فهو يتأرجح بين الشعور بالألم النفسي نتيجة هذا النبذ وبين محاولات تبرير هذا الشعور، ولكن قد يغلب عليك ايضاً الشعور بالحزن لأنك تريد أن تكون صديقًا لهؤلاء الأشخاص.
يُساعد الذكاء الاجتماعي ومعرفة مهارات التأقلم على معرفة كيفية التغلب على الآلام في الحياة اليومية. كما يفعل الوعي بالقيمة الذاتية ومعرفة الاستحقاق الشخصي، حيث إن ارتفاع قيمتك الذاتية لن يُشعرك بالحاجة إلى الانتماء لمجموعة لإثبات نفسك، كما لن يدعك استبعاد الآخرين لك تشعر بالوحدة او قلة الثقة بالنفس.
في نهاية الأمر كل شيء متروكٌ لك، إذ كلما عرفت قيمتك الذاتية وعززت من استحقاقك، لم يضرّك أن تحصل على التقدير من مصادر خارجية ولم يؤلمك أن لا تكون ضمن مجموعة، ستتمكن من أن تجعل نجمك يلمع في سمائك الخاصة، ومن يدري، لعل هؤلاء الذين يشعرونك بالنقص بسبب انتماءهم لتلك المجاميع، هم ذاتهم من يشعرون بالنقص الفعلي حين يكونون وحدهم، حين تختار ذاتك وتطورها، ستنضم حينها لمجموعة تطورك وتحفّزك على أن تكون النسخة الأفضل من نفسك.
اضافةتعليق
التعليقات