خوفٌ قيدَ أطراف عُمري و بدوت أشعر بزيادته وكأنني سأفقد بهجتهُ في هذا اليوم الذي حل عليَ، الوقت الذي كانت فيه أمي جالسة وتستذكر يوم مولدي وماذا حدث وبقية العائلة يتناولون قطع الكعك، وأنا كنت وكأن داخلي روحان قد حللا بدنا كل منهما يسحب عقلي نحو غرفة مختلفة ولكن الكفة الأرجح نحو خوف شديدٍ من الكِبر الذي سيطالني وكأنني شارفت على النهاية رغم أن الحقيقة لا تعدو كوني وصلت منتصف العشرينات، تلك النظرة التي بناها أغلبية من مجتمع فاشل فزقونا إياها كالسم البطيء في صغرنا لنكبر ونحن نخشى حاجز العشرون.
فقمت إلى غرفتي وأغلقت الباب لأنفرد بنفسي فأخطأت حين استفردت بها أمام المرآة ورأيت ملامحي كبيرة بعيني وبدأت أبحث في خطوط وجهي عن عيوب لأصدق الفكرة الفاشلة التي استحوذت مخيلتي ولكن لحسن الحظ أن ليس للروح جلد والآثار الزرقاء غير مرئية وإلا لما كنت سأسامح نفسي عليها .
أما اليوم وأنا أقف أمام المرآة مرة أخرى وأنظر، أجد جميلة تتغزل بنفسها وكل يوم يزداد رونقها، تقف على حافة الأشياء وترمي قدمها دون الخوف من المنحدرات التي أضاعت أجمل أيامها وهي مترددة، ولم يعد يهمها درجة اللون المتناسقة بقدر مايريحها أنها ترتدي ماتحب مدركة ان التقدم في العمر سنة من سنن الحياة الطبيعية لا مفر منها لمخلوق، وأن أجمل ما في التقدم بالعمر أنه كلما كبرت سنة يجعلك تستصغر أموراً كثيرة كانت تستهلك طاقتك ومشاعرك ورغباتك وأهدافك يوماً ما.
فالنضوج سمة تعيد ترتيب الأشياء والأشخاص في حياتنا، فاليوم أرى أمي وهي تشارف على الخمسين من عمرها أجمل بكثير وتفاصيل وجهها بدأت تبرز كنجمة ساطعة في وسط ظلام شديد وحتى الطعام تغير من يديها لتنتشر رائحته وكأنه صنع من الجنة لطيبه رغم أن المكونات التي كانت تضعها أصبحت أقل ولكن يدها كبرت فصارت تندي حبا بقدر أكبر فتطيب كل مايصنع منها.
هذا مايجعلني متأكدة أن ذكرى ميلاد الإنسان إن هي إلا مولد جديد حقيقي عليه أن يبدأ منه، بل إن كل يوم يستيقظ فيه الانسان وهو بكامل صحته هو مولد جديد عليه أن يستمتع بكل تفاصيله، مما يجعلني أيضا أتذكر هاشتاج( #The moment you knew you are getting old) الذي دعا الناس إلى الكشف عن الموقف واللحظة التي اكتشفوا فيها أنهم نضجوا أو تقدموا في العمر.
فقالت سيدة أنها شعرت بالتقدم في العمر عندما اختارت وبدون تردد أن تشتري حذاءً مريحا بدلا من الكعوب العالية التي كانت دائما خيارها الأول وتؤلم قدمها دوما، وآراء أخرى كثيرة تشير إلى أن عدد كبير من الأشخاص وجدوا أن التقدم بالعمر لهو شيء جميل وأنهم عرفوا مواهبهم الحقيقية واتجاهاتهم التي تسعدهم في الوقت الذي بدأ فيه عداد العمر بالزيادة حينها فقط شعروا بالسعادة الحقيقية بعيدة عن تقلبات الطفولة والمراهقة التي ارهقت كل جزء فيهم. أما أنا فلم تعد تستهويني فكرة أن الصغير لايحمل هموما وإنما أنا سعيدة بمعرفة أنه كلما كبر الإنسان وجد حلولا أقل تعب وأكثر راحة لعمق التجربة وحلاوة الاستمرار ثم إن النهاية لهي أجمل شيء أن تكون منعماً براحة حتى لقاء محبوب لا يضاهي أحد مكانته فلما العجلة بالحزن مبكرا والنهاية سعيدة .
وتقول المدربة على الحياة الايجابية life Coach السيدة رند فايد إن علينا أن نعيش ونستمتع بكل مرحلة في من عمرنا مضيفة "القطار الحقيقي هو الحياة كلها"، وتنصح رند فايد بعدم تأجيل الاستمتاع بالحياة وانتظار الوقت الذي قد لا يأتي لنستمتع بتفاصيل عمرنا، وتشرح فلسفتها في هذا الشأن في نقاط بسيطة أبرزها:
1- تعلم أن تحب نفسك وتعتني بها أولاً حتى تستطيع بعد ذلك أن تعتني بالآخرين.
2- كن نفسك وعش حياتك بصدق وتصالح مع الذات.
3- ركز على نفسك وتجاهل ضغوط من حولك والمجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات