إن ما يحدث لنا فعلياً هو ردود أفعالنا على ما حدث لنا، نحن من نختار كيف سنتصرف في مواجهة ما تجود به الحياة علينا، نحن من نختار أن نقتنص فرص الفرح الصغيرة لنتنفسه بعمق، ونملأ رئاتنا به، أو نؤجل السعادة في إنتظار تحسُّن الظروف، فننتظر التخرج أو الوظيفة أو المال أو الزواج أو الأبناء، ثم ننتظر أن يكبر الأبناء، أو ننتظر وقت التقاعد وغير ذلك.
ونظل ننتظر وننتظر تلك الحياة المثالية كي نأذن لأنفسنا أخيراً بالشعور بالسعادة، وقد لا تأتي تلك الفرصة أبداً فالهموم لن تنتهي، ثم نفاجأ بأن أجمل سنوات العمر قد انزلقت من بين أصابعنا في زحام الحياة، إن من يضحك أخيراً قد لا يسعه العمر أن يضحك كثيراً، قد يضحك متأخراً بعد أن فقد الضحك قيمته ولم يعد يرغب فيه.
بيدنا أن نحوَّل المرض الخطير إلى فرصة لتوعية الآخرين بالوقاية أو نستسلم له وننتظر الموت، بيدنا أن نستغل اللحظات التي نشعر فيها بتحسن فنفعل شيئاً ممتعاً مع العائلة لنرفع رصيد الذكريات الجميلة أو ربما نقضي ذلك الوقت بالتفكير المرير عما ستؤول إليه حالنا ما إن يعاود الألم الهجوم، وقد نؤجل الفرح حتى يتم الشفاء الذي ليس بأيدينا، بذلك نفقد السيطرة على حياتنا، إذ جعلنا السعادة أمراً معلقاً على أمر غيبي لا يد لنا فيه.
الحياة قصة لا تهم نهايتها، ولكن نجاحها يقاس بالكيفية التي اختار الفرد أن يعيشها، ليست النهايات المؤسفة فشلاً، فالعبرة ليست بالنهاية، العبرة هي بامتناننا لما فعلناه حتى وصلنا إلى قدرنا في هذه الحياة، فإن كنا من المقاتلين الذين استطاعوا الوقوف في كل مرة يقعون فيها فنحن لدينا ما نفخر به، وعلينا أن لا نبخس أنفسنا حقها من الرضا والسلام.
يعينك على الاستمتاع بالرحلة أن تخلق عالمك الخاص، فعالمك الحقيقي يكمن في داخلك، نظرتك للأمور هي ما يحدد طبيعة الأمور، تعاطيك مع الأحداث هو الأحداث، ردود أفعالك هي أنت، اخلق عالماً آخر ممتعاً موازياً للعالم الذي يحدث من حولك، فالضباب مثلاً قد يكون أمراً مزعجاً معيقاً للرؤية لكن بيدك أن تقرر أن تراه إضافة سحرية ليومك يجعل الشوارع حالمة والسيارات متأنية بشكل مريح للأعصاب، توقف في إحدى المقاهي منتظراً الصَّفو، واشرب قهوتك هذه المرَّة على مهل، كل شيء ماعدا سعادتك يحتمل التأجيل.
عالم الخيال يتداخل كثيراً مع الواقع مكوناً مزيجاً رائعاً، ويضفي لمسات شاعرية للروتين اليومي الجاف، فسَّر الأمور كما تشاء تكن لك كذلك، لن تجد السعادة طريقاً إليك مالم تسعَ أنت لها، وتمهَّد الطريق، أي خطوة في اتجاه خلق عالمك الخاص تستحق أن تخطوها، اعتبر الحياة محرك بحثٍ كبيرٍ ترتبط نتائجه بالكلمات التي تدخلها فيه.
اضافةتعليق
التعليقات