من المعروف أن هنالك نوع من أنواع الرغبة المفرطة يؤدي إلى الطمع - وهو شكل مبالغ به من أشكال الرغبة يقوم على الإفراط في التوقع، وعندما تفكر بإفراطات الطمع، تجد أنه يؤدي بالإنسان إلى الشعور بالإحباط، خيبة الأمل، الكثير من الإرباك والكثير من المشاكل. وحين يتعلق الأمر بالتعامل مع الطمع، فإن الشيء الوحيد المميز تماماً أنك على الرغم من وصولك بالرغبة إلى الحصول على الشيء الذي ترغب به، إلا أن ذلك لا يحقق الرضى الذاتي.
ذلك لأنه يغدو نوعاً من الرغبة التي لا حدود لها، لا قعر لها، وذلك ما يؤدي إلى المشاكل شيء آخر مهم يتعلق بالطمع هو أنه على الرغم من أن الدافع الأساسي هو السعي لتحقيق الرضى الذاتي، إلا أن ما يثير السخرية هو أنك بعد أن تحصل على الشيء الذي ترغب به، ستجد نفسك ما تزال غير راض والعلاج الحقيقي للطمع هو القناعة.
فإن كان لديك شعور قوي بالقناعة، لا يعود مهماً ما إذا حصلت على الشيء أم لا، ففي كلتا الحالتين، أنت تظل قائماً. لذلك نسأل كيف يمكننا أن نحقق القناعة الداخلية؟ ثمة طريقتان:
الطريقة الأولى: أن تحصل على كل ما ترغب به وتتمناه - كل المال البيوت، السيارات الرفيق الكامل والصحة التامة لقد أشار الدالاي لاما مسبقاً هذه الطريقة، ذلك أنه إذا ما بقيت رغباتنا ومتطلباتنا دون ضبط، فإننا عاجلاً أو آجلاً سنصطدم بشيء نتمناه لكننا لا نستطيع امتلاكه.
الطريقة الثانية: والأكثر موثوقية هي ألا تمتلك كل ما نريد، بل بالأحرى أن نريد ونقدر حق قدره ما نمتلك.
ذات ليلة كنت أشاهد في التلفاز مقابلة مع كريستوفر ريف وهو ممثل سقط سنة 1994 عن الحصان فأصيب حبله الشوكي إصابة تركته مشلولاً تماماً من الرقبة وما دون، كما أنه بحاجة لمنفس كي يتنفس، حين سأله المقابل عن الكيفية التي تعامل بها مع حالة هبوط الروح المعنوية والاكتئاب التي نتجت عن إصابته كشف ريف أنه مر بمرحلة وجيزة من اليأس التام، وهو في وحدة العناية المشددة في المستشفى. لكنه تابع قائلاً: إن مشاعر اليأس تلك مرت بسرعة نسبياً، وأنه الآن بكل صدق ينظر إلى نفسه على أنه فتى محظوظ، ذاكراً نعمة الزوجة المحبة والأطفال، لكنه تكلم أيضاً، وبكل امتنان عن التقدم السريع الذي يحققه الطب الحديث (الذي يقدر أنه سيجد علاجاً لإصابات الحبل الشوكي خلال عقد من الزمن)، ذاكراً أن إصابته لو كانت قبل بضع سنوات، لكان من المحتمل أن يكون قد مات بسببها. وحين وصف عملية التكيف مع شلله، قال ريف: على الرغم من أن مشاعر يأسه قد اختفت بسرعة، إلا أن هناك آلام الغيرة التي تأتيك بين الحين والحين والتي يمكن أن تسببها ملاحظة عابرة وبريئة من شخص يقول مثلا: "أنا ذاهب لتوي كي أصعد الدرج وأجلب الشيء الفلاني". وفيما يتعلق بتعلمه كيف يتعامل مع هذه المشاعر، قال: «لقد أدركت أن الطريقة الوحيدة للاستمرار في الحياة هي أن أنظر إلى ما أمتلك أرى ما يمكنني العمل به. وفي حالتي لحسن الحظ، أنني لم أصب في الدماغ، لذلك ما يزال لدي دماغ يمكنني استخدامه». لقد اختار ريف بتركيزه على ما لديه بهذه الطريقة، أن يستخدم عقله لزيادة الوعي وتعريف الناس بإصابات الحبل الشوكي وكذلك لمساعدة الآخرين، كما أن لديه خططاً للاستمرار في التحدث، وكذلك في الكتابة وإخراج الأفلام.
اضافةتعليق
التعليقات