يعد انفعال القلق أحد أهم الأساسيات السلبية التي ترافق الإنسان منذ لحظة ولادته حتى نهاية حياته لاسيما المؤثر على حياته، وقراراته، ويظهر في المواقف التي يعيها الفرد على أنها مهددة، ويصعب السيطرة عليها، ويشعر بالانزعاج والضيق منها. ولقلق المستقبل وجهان مختلفان، فقد يساعد على تحسين الذات، وحسن التكيف مع المحيط، وعلى الإنجاز والوصول إلى مستويات أعلى من الكفاءة إذا كان بدرجة معتدلة وملائمة للموقف المثير، أما إذا كانا بدرجة عالية وغير ملائمة للموقف فإنه قد يصبح سمة معطلة.
يذكر زاليسكي أن قلق المستقبل يعد أحد المصطلحات الحديثة على بساط البحث العلمي، كما يرى أن أنواع القلق المعروفة كلها لها بعد مستقبلي، ويمثل قلق المستقبل أحد أنظمة القلق التي بدأت تطفو على السطح منذ أن أطلق ترفلر مصطلح صدمة المستقبل future shock على اعتبار أن العصر الحالي يخلق توتراً خطيراً بسبب المطالب المتعددة لاستيعاب تغيراته.
يعد قلق المستقبل أحد أنواع القلق التي تشكل خطورة في حياة الفرد التي تمثل خوفاً من مجهول ينجم عن خبرات ماضية (وحاضرة أيضاً) يعيشها الفرد تجعله يشعر بعدم الأمن، وتوقع الخطر ويشعر بعدم الاستقرار وتسبب لديه هذه الحالة شيئا من التشاؤم على التكيف ويظهر قلق المستقبل من خلال الإدراك الخطأ للأحداث المختلفة في المستقبل، وتقليل فعالية الشخص في التفاعل مع هذه الأحداث، والنظر إليها بطريقة سلبية وعدم القدرة على التعامل مع المشكلات التي يعاني منها الشخص، والتقدير المنخفض لمصادر معالجة الحدث المخيف واليأس الذي قد يؤدي في نهاية الأمر إلى اضطراب حقيقي، وخطير مثل الاكتئاب أو اضطراب نفسي عصبي خطير.
كما يمكن وصف قلق المستقبل من خلال المنحنى المعرفي على إنه إطار لمختلف العمليات المعرفية والمواقف الانفعالية، فالقلق هنا يترافق بتخمينات الخطر المتعلقة بالمستقبل بناء على ما يتوافر في الواقع من معطيات وعلى نوعية التصورات الشخصية، فبعض الأفراد هم أكثر قابلية لتخمين الحالات المستقبلية بكونها خطرة، لأنهم يملكون تصورات تتضمن معلومات عن المعنى الخطر للحالات، وعن مقدرتهم المنخفضة للتعامل مع الخطر بشكل فاعل، فعندما تنشط المخططات المتعلقة بالخطر المستقبلي تحفز أفكاراً تلقائية سلبية عن الخطر تعكس مواضيع أو كوارث جسدية، واجتماعية، ونفسية، تتضمن بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهناك نظريات كثيرة فسرت قلق المستقبل، من هذه النظريات نظرية التوقعات المعرفية، تقوم على افتراض أساسي يتمثل في أن عملية التوسط المعرفي تحدث بين المثيرات الأولية والاستجابات الناتجة، وأن وجود توقعات أولية كالخطر، وتوقعات القلق تستخدم في تفسير نمو المخاوف وتطورها، وهذه التوقعات الأساسية للقلق تشمل توقع خطر جسدي أو اجتماعي، وهذه التوقعات أو التنبؤات تتزايد ليس فقط من خلال استجابات شرطية، كذلك أيضاً من خلال ملاحظة النماذج، وانتقال المعلومات أو تتيح توقعات القلق عندما يفكر الفرد في أنه سيحدث، وخاصة عند التعرض لمثيرات خاصة، وهذا يعني أن توقع حدوث نتيجة سلبية من المحتمل أيضا أن يكون مسؤولا عن ظهور القلق.
اضافةتعليق
التعليقات