إن الصحة النفسية للطالب الجامعي ركيزة أساسية في الإنتاج والإنجاز وتحقيق الطموح في الحياة، وإن أي إعاقة أو ضغوط حياتية يتعرض لها الطالب في أثناء حياته الجامعية ستترك آثارها السلبية على صحته النفسية والجسمية بصورة مباشرة وغير مباشرة، وبالتالي ستؤثر على نجاحه وتقدمه في حياته الدراسية لتدني مستوى الصلابة النفسية لديه.
وإن ارتفاع معدل الشعور بالقلق تجاه المستقبل عالٍ لدى الأفراد، ويرجع إلى الضغوط المكثفة المتمثلة في البيئة التي يعيش فيها الطالب، وإن المعدل المرتفع لمؤشر الشعور بالقلق يكون له تأثير سلبي على المستقبل التعليمي والمهني، كما تشير كثير من نتائج الدراسات إلى تأثير قلق المستقبل على العديد من المتغيرات مثل: تفسيرات الأحداث السلبية والإيجابية، ومستوى الطموح و تكمن مشكلة الدراسة في محاولة الكشف عن العلاقة بين الصلابة النفسية و قلق المستقبل من جهة، وبين الطموح من جهة أخرى.
مفهوم الصلابة النفسية : Psychological hardiness
يعد مفهوم الصلابة النفسية من المفاهيم الحديثة نسبياً، وهو من الخصائص النفسية المهمة للفرد كي يواجه ضغوط الحياة المتعددة والمتتالية بنجاح، يعود مفهوم الصلابة النفسية إلى كوبازا التي توصلت إلى هذا المفهوم من خلال سلسلة من الدراسات، التي استهدفت معرفة التغييرات النفسية والاجتماعية التي تكمن وراء احتفاظ الأشخاص بصحتهم الجسمية والنفسية رغم تعرضهم للضغوط النفسية، وقد اشتقت كوبازا مصطلح الصلابة النفسية متأثرة بالفكر الفلسفي الوجودي الذي يرى أن الإنسان في حالة صيرورة مستمرة، والذي يركز في تفسيره لسلوك الإنسان على المستقبل لا على الماضي، ويرى أن دافعية الفرد تنبع أساسا من البحث المستمر النامي عن المعنى والهدف من الحياة.
كما يرى الوجوديون أن الفرد في بحثه عن معنى لحياته يتخذ حتماً قرارات متعددة، هذه القرارات تشكل حجر الأساس لكل شيء في الحياة، وسواء أدركنا أم لم ندرك، فإن سلوكياتنا كلها تترتب على قرارات نتخذها، وقد أدركت كوبازا نقاط التقاطع بين أساليب مواجهة الضغوط مع التوجه نحو المستقبل، واقترحت أن الشخصية الصلبة تتمتع بثلاث خصائص هي (القدرة على الانخراط والالتزام تجاه حياتها أو تجاه المجتمع، والقدرة على التحكم والتأثير في مجريات أمور حياتها، والاعتقاد بأن التغير مثير للتحدي) .
فقد نشأ مصطلح الصلابة النفسية كمجموعة من المعتقدات عن النفس في تفاعلها مع العالم من حولنا، التي تمدنا بالشجاعة والدافعية للعمل الجاد وتحويل التغيرات الضاغطة المثيرة للقلق من مصادر للاضطراب إلى فرص محتملة، وتحوي الصلابة النفسية ثلاثة مكونات هي: الالتزام والتحكم والتحدي.
وترى كوبازا أن الصلابة النفسية مركب يتكون من ثلاثة أبعاد مستقلة هي الالتزام و التحكم، والتحدي، وهذه الأبعاد قابلة للقياس هذه المكونات الثلاثة ترتبط بارتفاع قدرة الفرد على تحدي ضغوط البيئة وأحداث الحياة، وتحويل أحداث الحياة الضاغطة لفرص النمو الشخصي، كما أن نقص هذه الأبعاد الثلاثة يوصف بأنه احتراق نفسي، ولا يكفي مكون واحد من مكونات الصلابة الثلاثة لتمدنا بالشجاعة والدافعية لتحويل الضغوط والقلق لأمور أكثر إيجابية .
حيث تعد الصلابة النفسية من أهم متغيرات الوقاية أو المقاومة النفسية للآثار السلبية للأزمات التي يحقق وجودها لدى الفرد أهمية كبرى في التحكم في الظروف المحيطة وتحقق التحدي المطلوب، كما أكد مادي على أن الصلابة تعد مزيجاً من تلك المواقف والاستعداد التي تمد الشجاعة والدافعية بالقوة لكي تعمل بجدية تجاه المشكلات، والعمل على تحويل تلك الظروف الضاغطة من مشكلات محتملة الوقوع إلى فرص للنمو وأضاف لوكنير أن الصلابة تمثل عاملاً مهماً وحيوياً في الشخصية يجب التأكيد عليه في البحوث المستقبلية حتى يتطور استخدامه من مستوى الأشخاص إلى مستوى المؤسسات والمراكز على نطاق واسع، واختيار الأشخاص ذوي الصلابة النفسية المرتفعة في مهمات خاصة في شتى المجالات.
اضافةتعليق
التعليقات