وانتصف شهر الله بمولد السبط الحسن عليه السلام وكيف لا يكون ذلك وقد أُشتق اسمه من اسماء الله تعالى فهو المحسن وقد اشتق له عليه السلام اسم الحسن.. فـ "في بيوت أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه"، ذلك البيت العلوي الذي أضاء السماوات والأرض بوجود وليين من أولياء الله اجتمعا بأمر إلهي إذ جاء النداء: يا محمد زوج النور من النور (زوج علي من فاطمة)، فما كان جواب نبي الله صلى الله عليه وآله إلا أن قال (… لولا أن الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة عليهما السلام ما كان لها كفؤ على الأرض).
فاجتمع النوران في بيتٍ أصبح مهبط للوحي والتنزيل ومعراج الملائكة في كل حين، فكان نتاج ذلك الزواج الرباني أن أضاء المدينة نور سماوي ملأ قلب رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة صلوات الله عليهم فرحاً وبهجةٍ وسرورا ذلك هو نور الامام الحسن الذي شع في السنة الثالثة من الهجرة..
وروي أن رسول الله كان وجهه يتهلل فرحاً عندما يُقبل الإمام الحسن عليه السلام، كما ورد في كتاب كشف الغمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم كان واضع الحسن عليه السلام على عاتقه وقال: (من أحبني فليُحبهُ)، وروي انه قال: ما رأيت الحسن إلا وفاضت عيناي دموعا، وذلك أنه أتى يوماً يشتد حتى قعد في حجر النبي صلى الله عليه وآله ورسول الله يفتح فمه ثم يُدخل فَمهُ في فَمه ويقول: (اللهم أني أحبه وأحب من يحبه) يقولها ثلاث مرات.
وإذا ما تحدثنا وتطرقنا عن صفات الامام الحسن عليه السلام فكان هو المثل الأعلى في العبادة والزهد والتقوى ومما أشتُهر به الامام عليه السلام هو الكرم الذي عُرف به وإذا أردنا التحدث عن ذلك فإن القلم يقف عاجزا عن وصف ذلك الكرم العظيم..
ومن الطف ما ورد في كرمه عليه السلام يُحكى أن رجلاً جاء الى الإمام الحسن فشكى حاله وعسره وأنشد:
لم يبقَ لي شيء يُباع بدرهم
يكفيك منظر حالي عن مخبري
إلا بقايا ماء وجهٍ صنتهُ
ألا يباع وقد جئتك مشتري..
فدعا الإمام عليه السلام خازنه وقال له: كم عندك من المال؟ قال: إثنا عشر ألف درهم فأمره بدفعها إلى الفقير وإنه يستحي منه فقال الخازن: إذاً لم يبق شيء عندنا للنفقة فأمره مرة ثانية بإعطائها إليه وحسن الظن بالله، فدفع المال إليه وأعتذر الإمام عليه السلام منه وقال: إنا لم نوف حقّك لكن بذلنا لك ما كان عندنا ثم أنشد:
عاجلتنا فأتـاك وابل برنــا
طلاً ولو أمهلتنــــا لم تمطر
فخذ القليل وكن كأنك لم تبع
ما صنته وكأننا لـــم نشتر..
وهذا غيض من فيض من كرمه عليه السلام، لذلك إن سألنا عن أصل الكرم فيكون الجواب أن منبعه الإمام الحسن.
وكانت للإمام الحسن هيبة تدخل في نفس القريب والبعيد ممن عرفوه عليه السلام، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: (… وأما الحسن فنحلتهُ هيبتي وسؤددي).
وفي الختام مهما كتبنا عن شخص وشخصية الإمام الحسن فنحن مقصرون بحقه وما ذُكر لهو أقل القليل فنحن نأخذ غُرفة من بحر واسع لا نهاية له.
اضافةتعليق
التعليقات