لقد أطل اسمها بأوسع نافذة من منافذ التاريخ، بعد قيام الحسين (عليه السلام) بمسيرته التاريخية إليها، وماجرى فيها من أحداث أراد الله أن تتأرخ وتُرسم صورة متكاملة لما حدث فيها وهي الثورة على الظلم ودك صروح الطغيان، حتى استشهد الشهيد فيها وأهل بيته وأصحابه، ومن ذلك الحين حلَّت كربلاء محل الإجلال والتقديس لعامة المسلمين الذين اهتزت مشاعرهم لهول الجريمة الشنعاء.
ولم تكن كربلاء كباقي المدن فهي إحدى العطايا من الرب الجليل التي لها شروطها وخصائصها المختلفة عن باقي المُـدن. كما أن لساكنيها مكانة خاصة قد يغبطهُ عليها الإنسان الباحث عن الحقيقة والعارف المتفقه بقدسيتها.
إذ أنها تختلفُ بكلِ تفاصيلِها؛ وحتى تكليف الساكن بها يختلف عن غيره. فبالحُسين ولأجله أُنشئت كربلاء وصار لها وجوداً وهذه أول خصائصها.
وقد امتازت هذهِ المدينة بتسمياتِها السبع ولكل اسم له مالهُ من العمق كالغاضرية مثلاً إذ سُميت بالغاضرية لأنها خصبة أي للغضاضة التي تحمل وقد قال فيها أهل البيت (عليهم السلام): ماخلق الله أرضٌ شريفةٌ مباركةٌ كأرض الحسين.
وقد اشتراها كما تثبُت الروايات الصحيحة بسندها المُعتمد؛ من أهل نينوى إلى حد العون سلامُ الله عليه وشِراؤها يختلف عن الشارين بالعادة فقد اشتراها بالمالِ والدم معًـا.
أرض كربلاء قال الصادق هي معقل شيعتنا. أي من العقل والحصن والملجأ وبعض العلماء يُعلل قائلا إنها الملجأ الذي يُحافط على الشيعة والمعقل لكل الحوائج. معقل لشيعتنا خصص الشيعة فقط والشيعي هو المحب الحق الذي يحافظ على قدسية كربلاء، من خلال السلوك والالتزام والذي يُدرك قدسيتها..
أرضُ كربلاء هي أرضُ اختبارٍ لنا فالسكن فيها إحدى النعم المقدسة والعظيمة التي منحها الله للساكنين ولكن بعض النِعم يُحاسب عليها الإنسان فكما إن الحسن كما قال الرسول أُعظم الإحسانُ به فبالحسين تُسعدون وبهِ تُشقَون كذلك كربلاء بها الحُســين والراحة والسكينة ولكن بذات الوقت هي دارُ بلاءٍ فقد خص المولى عزوجل ساكنيها بالشرف ولابد أن نُدرك ونُقدس هذهِ الخاصية ونعرف ماهو تكليفنا تجاه الحسين وأرضه الطاهرة، فالسلوك والالتزام من الواجبات المفروضة علينا.
نعم هذه كربلاء التي قال عنها أمير المؤمنين (عليه السلام): "طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبة"، ثم قال (عليه السلام) أيضا: "قبض فيها مائتا نبي ومائتا وصي ومائتا سبط كلهم شهداء بأتباعهم". وكثير من هذهِ الخصائص التي امتازت بها هذهِ المدينة المباركة، لذلك لابد علينا أن نتفقه بسلوكنا ونحترم وجودنا فيها إن كنا زائرين أو ساكنين..
اضافةتعليق
التعليقات