التناقض في حياة الإنسان والصعوبات التي يمر بها كل منّا في فترة من فترات حياته أغلبنا يراها على أنها نقمة، لكن في الحقيقة هي نعمة مخفية. الله سبحانه يهيء لك نعمة كبيرة، ستراها إن لم تفقد إيمانك. قال سبحانه: "وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" .
هذا الألم مؤقت، لا تبقَ عالقاً في هذا المنحنى، لا تعتد ولا تألف هذه الأوضاع، هذه المرحلة ليست النهاية، هنا ليس منزلك .
مثال على ذلك ”البذرة“، إنّ البذرة إن كانت على الطاولة لن يحصل لها شيء وستبقى قدراتها محبوسة في داخلها، لكن إن زرعتها في الأرض وجعلتها في الظلام الدامس، بعدها ستخرج لك قدراتها. ستنشق قشرتها الخارجية وتصبح نباتاً وذا ثمر كثير ولذيذ .
إذا لم تكن في الظلام لن تخرج قدراتك ومواهبك وستكون حبيسة في داخلك، لكن الظلام هو الذي يهيئها لتخرج في النور ولتكون بأجمل شكل ممكن.
إذا سألت البذرة عن حالها في الظلام، بلا شك ستجيب: "أنها لا تحب الظلام، ولا تحب الوحدة، وتشعر بالسوء عندما تكون في هذا المكان". البذرة تشعر أنها دفنت في الأرض، وأنها وصلت إلى نهاية المطاف، لكنها لا تدرك أن المزارع لم يدفنها، بل زرعها. هذه البذرة لها موهبات إلهية، الظلام ليس بمكان مريح لكنها في عملية تغيير تحت التراب. مع مرور الأيام عندما تخرج وتكون نباتاً جميلاً، إما وردة أو شجرة لديها الكثير من الثمار اللذيذة. إذا تسألها مجدداً عن حالها، ستقول لك: "لم أحب كوني في التراب، لكنني بعدها عرفت أنّ هذه الحالة هي نعمة لي، أنظر ماذا حدث لي! ماذا أصبحت؟! "
في الحياة تمر علينا أيام نشعر فيها أننا قد دفنا في الظلام، تسمع أصوات في داخل رأسلك مثل: "أيامك الجميلة قد ذهبت، مستقبلك ضاع، حياتك انتهت، ستعلق في هذا الوضع" وغيرها الكثير من الكلام السلبي ومن النجوى الشيطانية . هدف ابليس وجنوده أن يأذوا الإنسان فهم ألد الأعداء لنا، يريدوك أن تصدق نجواهم لتصبح تعيسا في حياتك وبذلك يفرحوا .
من الآن فصاعداً لتكن لديك نظرة جديدة لحياتك، بل نظرة صحيحة، نظرة إلهية. أنت لم يدفنوك في الظلام، بل زرعوك، والفرق كبير!
كلنا لا نحب أن نكون في الظلام، إنه مؤذي، إنه يشعرني بالوحدة، لكن في هذه الأوقات يجب علينا دائماً أن نذكّر أنفسنا أن يجب علينا أن ننمو في هذه الأجواء، أن نكون بذرة صالحة لها ثمرة . ماذا يعني أن نكون بذرة صالحة؟ البعض حتى وإن كانوا في الظلام لن ينمون وسيبقون مدفونين في الأرض، لأنهم لم يتوكلوا على الله ولم يثقوا به ولم يمشوا في المسار الصحيح، فبقوا في هذه الأجواء وأصبحوا بذرة غير صالحة .
فالبذرة الصالحة للزراعة إذا لم تكن في هذه الظروف الصعبة، مثل أن تتمرض، أو أن تفقد عزيزاً، أو أن تشعر بالوحدة، لن تكتشف جوهرتك التي وضعها الله فيك أبدا. قدراتك هي كالبذرة، ستتخلص من الظلام وتخرج إلى النور، وتكون نسخة أفضل وأقوى بكثير من ذي قبل. عندما تشعر بأنك قد دفنت، حياتك أصبحت مظلمة، وضغوطات كثيرة تثقل كاحليك، وليس هنالك أي مخرج، في الحقيقة هذه إشارة أن هناك حدث، حدث مهم سيحدث لك، مواهب وقدرات ستخرج من الظلمات إلى النور !
قال تعالى: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. " .
أغلب البشر يغضبون بسرعة، يفقدون صبرهم بسرعة، ويسألون أنفسهم الأسئلة السلبية بكثرة:
"لماذا حدث كل هذا معي؟ لماذا لم أحصل على مبتغاي؟ لماذا لا ينتهي كل هذا؟ كنت أظن أن الله سيفرحني…" عندما تسأل نفسك هكذا أسئلة سلبية، ستشعر بالسوء أكثر فأكثر، وستبقى عالقاً في دوامة من الظلام، وستصبح بذرة غير صالحة للزراعة. هذا الكلام ينبع من كلام الشيطان، من نجواه، لأن هدفه أن تكون بذرة فاسدة .
لتكن لديك الجرأة، وأن تسلم أمرك لله وأن تعتمد على خطته، سبحانه يعرف جيداً ماذا يجب أن تمر به لتحلو حياتك بعدها. هو لم ينزل البلاء عليك لتتعذب، لكن لديه هدف من كل هذا، إذا عبرت هذا المنحنى بنجاح وكنت في المسار الصحيح ستكون المعجزة التي هيئها الله لك بانتظارك .
اضافةتعليق
التعليقات