منذ طفولتي وخالتي تردد عند الضحك "ضحكنا بخير وشرنا على مطير" أعتدت تكرار السؤال خاله لم ترددي هذه الجملة؟ وهي تكرر ذات المرة نفس الإجابة خوفاً من الشر الذي ينالنا من بعد الضحك... حسناً من هو مطير؟ ذلك الشخص المنحوس فلا يفرق أن اصابة شر أو حزن!.
شعور ينتاب البعض حينما تغمره السعادة، غريب أن يشعر الإنسان في نفس الوقت بمشاعر من الفرح الغامر يخالطها الخوف الكبير؟! شيروفوبيا هو ذلك المفهوم الذي يطلق على في مثل تلك الحالة ويعاني منه الكثير من أفراد المجتمع العربي بشكل كبير كلاً يشعر بالخوف حين السعادة والفرح ولا مبرر لذلك الشعور سوى التوقعات والتخيلات التي يعتقدها الفرد ويتصور أنه منحوس ولا سعادة بدون حزن أو شقاء..
إذا أردنا الوقوف على هذه الحالة وتعريفها من المنظور العلمي فنجد أن العلماء عرفوها برُهاب السعادة، حيث يخاف الأشخاص المصابون بهذا النوع من الفوبيا من المشاركة في الأنشطة أو المناسبات المرحة والترفيهية التي عادةً ما تجلب السعادة، ولا يعني هذا أن هذه الأنشطة تعد مخيفة بالنسبة للمصابين بالشيروفوبيا، ولكنهم يشعرون بأنّهم إذا حضروا مناسبة سعيدة قد تعقبها كارثة، فعندما يكون هذا التفكير التشاؤمي مرتبط بأذهان المصابين فلن يستطيعوا الاستمتاع بأي مناسبة سعيدة.
أوعز بعض الاخصائيين النفسيين إلى أن المصابين بهذا المرض عانوا منذ الطفولة التفكك الأسري والمشاكل المستمرة بين الزوجين وبذلك فقدو الأمان وأصبح كلّ تفكيرهم سوداوي وهنالك حالات متوارثة مجرد أن يسمع الطفل والدته أو أيّ من المقربين يردد تلك العبارات التشاؤميّة يتعلمها وتصبح من عاداته وهكذا تمتد إلى من بعده..
كيف تعرف أنك مصاب بالشيروفوبيا؟
– العزلة ورفض المشاركة في الأنشطة المرحة.
– القلق من الدعوة إلى التجمعات الاجتماعية.
– رفض الفرص التي قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية في الحياة، نتيجة الخوف من أن مشكلة سلبية قد تعقبها.
– رفض العلاقات العاطفية، دائماً الأشخاص المصابين بالشيروفوبيا يرفضون الدخول في أيّ العلاقات عاطفية لأنهم يشعرون دائماً أنها سوف تفشل وأنهم إذا عاشوا وفي النهاية سوف يصابون بصدمة عاطفية شديدة .
– التشاؤم والبكاء، دائماً المصاب بالشيروفوبيا يكون متشائم من كلّ شيء في الحياة ودائماً يبكي كثيراً.
طرائق للتخلص من الشيروفوبيا:
لأن الخوف من السعادة لم تتم دراسته بشكل كبير باعتباره اضطراب منفصل، فلا توجد أدوية يمكن للشخص تناولها لعلاج هذه الحالة، ومع ذلك، فإن بعض العلاجات المقترحة تشمل العلاج السلوكي المعرفي، وهو العلاج الذي يساعد على التعرف على الخلل في تفكيره، وتحديد السلوكيات التي يمكن أن يساعد تغييرها على تحسن حالته.
وهناك أيضا تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق واليوغا، أو ممارسة الرياضة، ومن أساليب العلاج كذلك التعرض للأحداث السعيدة، وتذكير "المريض" أن ليس كلّ حدث سعيد يتبعه حدث سيئ، ومع ذلك، إذا كانت أعراض الخوف من السعادة ترتبط بصدمة حدثت في الماضي، فمن الضروري الحصول على العلاج النفسي الملائم، وهذا الأمر يحتاج إلى صبر ومتابعة لأن العلاج يمكن أن يستغرق وقتا طويلاً لتغيير طريقة التفكير، حتى يكون الشخص قادراً على قهر مخاوفه.
العلاج الأكثر فعالية لهذا النوع من الاضطراب هو العمل داخل مجموعات ومواجهة المخاوف مباشرة فيما يسمى "التعرّض"، أي وضع المريض في الموقع الذي يخاف منه كي يواجهه، وهذه المساعدة غالباً ما تؤدي إلى نتائج إيجابية بسبب الكم الهائل من مهارات التأقلم التي يمكن تعلمها من الوجود داخل مجموعة من أشخاص يعانون نفس المشكلة، مما يساعد على إخراج المريض من "منطقة الراحة" التي يضع نفسه فيها.
وقد تشمل ممارسات اليقظة الجماعية هذه شرب الشاي الدافئ للتركيز على حاسة التذوق والحواس اللمسية وتدوم هذه المجموعات عادة نحو ستة أشهر، ويمكن أن تضم من شخصين إلى عدة أشخاص.
وهناك طريقة "نصف الابتسام"، وتعمل هذه التقنية من خلال جعل المصاب يفكر في ما يخاف منه أو يزعجه بينما يرفع زوايا فمه قليلاً بما يسمى "الابتسام الخفيف" أو "نصف مبتسم" مع محاولة الامتناع عن الاستمتاع بتلك المشاعر المؤلمة التي قد يثيرها هذا الخوف.
وثبت أن التأمل الذهني مفيد جداً، لمساعدة الناس على الدخول في حالة أكثر اتزاناً، هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن عن طريقها ممارسة "تأمل اليقظة"، لمساعدتهم على تشتيت انتباههم عن خوفهم من خلال إعادة تركيز انتباههم على شيء آخر ليس لديه أي نوع من المتعة العاطفية المرتبطة به، مثل التركيز على التنفس على سبيل المثال.
إذن لا صحة لإعتقادات خالتي وخالتكم، فالتشاؤم ليس من صفات الإنسان إنما هو شعور مكتسب يسيطر على سلوكياتنا لأسباب مرّ ذكرها وايضاً تم التطرق إلى أساليب التخلص من هذه الحالة المرضية ويمكن للإنسان تجربة العديد من الطرائق بما يتناسب وشدة حالته ففي بعض الأحيان يحتاج إلى طبيب نفسي وأحيانا أخرى يكون طبيب ذاته.
اضافةتعليق
التعليقات