ننجز مهامنا دون تفكير عندما نعيد فعلها مرارًا وتكرارًا، إذ تصبح المهمة سهلةً للغاية إلى الحد الذي لا تحتاج فيه إلى التفكير في طريقة إنجازها. إن قيادة السيارة والمشي من المهام التي تصبح تلقائية الحدوث، فأنت لا تفكر عندما تجلس في سيارتك في طريقة تشغيل السيارة أو في كيفية التحكم بناقل الحركة أو في كيفية الخروج من الموقف إلى الطريق.
أنت لست بحاجة للتفكير في كل حركة أو تذكر وضع قدم أمام الأخرى في أثناء المشي. يصبح السلوك المتعلَم والممارس بكثرة سلوكًا تلقائيًا طبيعيًا.
نلجأ غالبًا إلى تبني سلوكيات مختلفة لأداء مهامنا اليومية، فنؤديها بوضع الطيار الآلي دون تفكير.
يبسط ذلك المهام ويحرر تركيزنا لكي لا ننشغل كليًا بالمهام البسيطة ونرتبك منها، لكن هذا يجعلنا في نفس الوقت أكثر عرضةً للخطر ويزيد من ارتكابنا للأخطاء.
وتشير العموم إلى هذه الظاهرة بوصفها العمل بوضعية الطيار الآلي أو الانفصال عن الواقع. ويشير علماء النفس إلى قدرتنا على إنجاز المهام دون التفكير بها بالتلقائية.
يصف نموذج الدافع التلقائي في علم النفس كما اقترحه جون بارغ في عام 1990 التسلسل الكامل للسعي وراء الهدف، أي الوصول إلى الهدف المطلوب كعملية تحدث خارج الإدراك الحسي الواعي والضبط، حيث يتم اختيار مصطلح الدافع ليشمل الأهداف والدوافع والقيم، ولكن في معظم الحالات، ركز البحث النفسي على الأهداف المستخدمة بالمعنى الواسع.
تاريخ نموذج الدافع التلقائي في علم النفس:
اعتبرت الدراسات في البحث النفسي التي أجريت على الإدراك حتى الأربعينيات أن الإدراك هو في الأساس عملية تحول، منذ نهج المظهر الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن الأهداف النشطة بوعي ودون وعي للفرد تشكل الطريقة التي يدرك بها هذا الشخص البيئة وكيف يتم تفسير هذه المعلومات وتذكرها.
يعتمد نموذج الدافع الذاتي على هذا المبدأ التحفيزي للاستعداد الإدراكي أي يتم إعطاء المزيد من الموارد الانتباه لمعلومات السياق بما يتماشى مع الهدف المنشط الحالي، ولكنه يأخذ في الاعتبار تطوير بحث المظهر الجديد نحو الأساليب المعرفية، في ظل هذا المظهر الجديد لاحقًا، تم فهم المنظور أو المخططات أو القوالب النمطية للعمل بطريقة مشابهة للأهداف والقيم في الأيام الأولى للمظهر الجديد.
مفهوم نموذج الدافع التلقائي في علم النفس يعبر عن وجهات النظر التحفيزية والمعرفية من خلال اقتراح أن الكثير من السلوك الإنساني يسترشد بأهداف يتم تنشيطها تلقائيًا من خلال السمات الظرفية، على غرار تأثيرات التنشيط المعرفي على سبيل المثال الصور النمطية.
ومع ذلك هناك العديد من الأسئلة البحثية التي تأثرت وحرضت على نموذج الدافع الذاتي، وقد قدمت الأبحاث التي تناولتها أدلة وفيرة لكل من المسارات الثلاثة للسلوك التلقائي، بالإضافة إلى التأثير العام للأهداف على الإدراك، هناك دليل على الدوافع الذاتية في الحكم الشخصي والجماعي وفي التفاعل بين الأشخاص.
إن مجموعة الأبحاث في هذا المجال واسعة، وهناك أدلة كبيرة متقاربة، حيث أنه لا تقوم بعض القيم أو المعايير الأداتية بتصفية ما يدركه الناس في العالم من حولهم فحسب، بل إنها تحدد أيضًا تفسير الناس له.
وفي الآونة الأخيرة تم العثور على أدلة لتفعيل الهدف من قبل البشر القريبين من الفاعل الفردي، على سبيل المثال من قبل أحد الوالدين أو الشريك.
إذا كان هدف التحصيل الدراسي، على سبيل المثال مرتبطًا بتحقيق رغبة الأب، فإن تفعيل التمثيل العقلي للأب يمكن أن ينشط هدف التحصيل المرتبط به، حيث أن الدافع التلقائي الآخر هو ما يسمى بتأثير الحرباء الذي يصف سلوك التقليد، هذا التقليد غير الواعي واضح بشكل خاص للأفراد الذين يتمتعون بقدرة قوية على تبني منظور أي القدرة على فهم أفكار وتصورات ومشاعر شخص آخر.
بالنسبة لهؤلاء التقليديين يعمل شركاء التفاعل كمحفزات لأخذ منظورهم المزمن، مما يؤدي بدوره إلى سلوك تقليد تلقائي وغير منضبط مثل تحريك القدم، ومع ذلك لا يجب أن تتميز العلاقات الشخصية دائمًا بالتقليد، وتحدد العلاقة الحميمة مقابل هدف الهوية الذي يمكن الوصول إليه بشكل مزمن للفرد كيفية تعامل هذا الشخص مع العلاقات الشخصية، ولا يجب أن تتميز العلاقات الشخصية دائمًا بالتقليد، حيث تحدد العلاقة الوطيدة مثل الصداقة مقابل هدف الهوية الذي يمكن الوصول إليه بشكل مزمن للفرد كيفية تعامل هذا الشخص مع العلاقات الشخصية، إما كوسيلة للترابط والمسؤولية المتبادلة أو كمصدر ثابت للتحقق الذاتي وإنشاء هوية فردية.
منافع التلقائية للتصرف بتلقائية منافع عدة، فهو يساعدنا على العمل بسرعة وفعالية في حياتنا اليومية دون الحاجة إلى إيلاء انتباهنا لكل تفصيل صغير. فكر كم ستكون حياتك شاقةً لو تعيّن عليك تذكر كيفية قيادة السيارة والتفكير مليًا بكل خطوة حتى تصل إلى العمل، أو تذكر كيف تمشي عبر حرم الجامعة لتصل إلى القاعة الدراسية.
تصبح الأفعال المكررة تلقائيةً بفضل التعلم والممارسة والتكرار.
لا تساعدنا التلقائية على توفير انتباهنا فحسب، بل تشعرنا بالراحة والألفة في بيئات مختلفة. نتعلم من خلال تجاربنا المختلفة ما هو السلوك الشائع والمتوقع في كل حالة.
يخبرنا الباحثان ويتلي وويغنر في بحثهما المنشور عام 2001: «نعلم تلقائيًا عند دخولنا المتجر كيف ستسير الأمور. نمشي داخلًا، ثم نأخذ عربةً ونضع فيها الطعام من على الرفوف، ثم نصطف للمحاسب الذي سيأخذ أموالنا مقابل الطعام، ثم نذهب أخيرًا إلى المنزل. نعرف تلقائيًا الافتراضات الصحيحة للحالة بناءً على تجاربنا السابقة».
اكتشف العلماء استراتيجيات مفيدة تساعدنا في الخروج من وضع الطيار الآلي والتيقظ إلى ما يجري حولنا.
إحدى طرق محاربة التلقائية هي إدخال التجدد والتنوع إلى الأعمال الروتينية. بدلًا من إلزام الموظفين بعمل واحد متكرر طوال اليوم، اخلق لهم جدولًا تنظيميًا يتضمن أعمالًا مختلفةً لينجزوها، أو بادل بين الموظفين في بعض المهام. قد ينتقل الموظف البنكي من التعامل مع العملاء إلى موازنة السجل النقدي إلى مساعدة العملاء الجدد على إنشاء حساباتهم أو إلى مساعدتهم في إجراءات القروض.
يجري بعض الخبراء في مجال الرعاية الصحية والطيران في الخطوط الجوية نظام التأكد الشفهي المزدوج، إذ يعيد العمال ذكر المعلومات المهمة على مسامع الشهود. وجد الباحثون أن هذه الإجراءات لا تقي من الأخطاء دومًا.
قد لا تكون التلقائية سهلة التجاوز، لكن اتباع نصائح الباحثين والانتباه إليها ومحاولة اتخاذ الخطوات للتغلب عليها هو الحل الأفضل. بدلًا من فقدان التركيز في أثناء رحلتك اليومية إلى مكان عملك، حاول أن تركز انتباهك إلى رحلتك وإلى الأحداث من حولك.
اضافةتعليق
التعليقات