من فخر الزمن، عطاء يحدده قدر مستديم.. وإن أعظم هبة من الله لأهل طاعته، قميص مصبوغ بالقدرة خيوطة من أفخر انواع التضحيات، وأكثف معنى..
يكتب الغصن بأوراقه، همة لا تنام بل مستيقظة لتمجيد فكره، وتجنيده جيل الثقافة..
لعل أبرز أعمدة المواجهة، نفس من طوبى يبارك لها من طيبات الرزق، ويزيده آجال، وتقيده محطات العلم والعمل..
عند ساعة اعتناق الرقيم كتاب الرفق، تستجدي المعاني وطنا، لتقيم فيه مأدبة القيم مع جملة الحروف المتقدة من أم العقيدة..
الشيرازي العظيم في سطور
في مرحلة ما من وقت الإقامة الشاهدة، كان السيد الفقيد، عنوان المراجعة ومصدر من مصادر القدرة وإعلام العظمة في نفسه، وعلمه..
لم يعقد خنصره عهدا مع من خبث في نقده ومحطة انتقاده سلما أبدا.. كان غذاءه الصبر، ومشربه بحث الحقيقة وخدمة المبدأ والدين..
اكتملت فيه موسوعة الكلمة في شتى مجالات الكتابة والكتب حتى عد سلطان المؤلفين، (تميز الإمام الشيرازي بفكره المعطاء، الغني، المختمر بالتجارب، والمفعم بالنضج والنظرة الواقعية إلى الأمور، والأصيل المستلهم من الكتاب الكريم والسنة المطهرة والذي يعالج شتى القضايا الحيوية ومشاكل العصر، فإنه يؤمن بضرورة تحكيم الأخوة الإسلامية، وإعادة الأمة الإسلامية الواحدة، وتوفير الحريات الإسلامية، ويدعو إلى الحوار الحر والمؤتمرات والتعددية السياسية، وشورى المراجع واللاعنف. وقد أسهب في الحديث عن هذه الأفكار بشتى أبعادها وحدودها والسبل التي تكفل تحققها في العديد من مؤلفاته، لذلك تميزت كتاباته بأنها تخاطب شتى مستويات المجتمع، فهناك الكتب المعدة خصيصاً للعلماء والمجتهدين، وهنالك الكتب الموجهة للشباب الجامعي، وهنالك ما كتب للجيل الناشئ كما قال تعالى: بلسان قومه.
وفي الحديث الشريف: إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. [١].
المجدد الراحل نموذج الأخلاق
يعتبر الخلق الحسن، من أولويات العمل بين القائد والمقود، وكفى في قوة الخلق الحسن، استمالة النفوس وامتلاك القلوب، واستقامة المودة على حب أفواج المؤمنين لمبدأ التوحيد وإلتزام الحرف واستنفار الطاعة بيت السجود..
وكما قيل: (بالخلق تملك العالم)..
(كان الخلق الإسلامي النموذجي هو الطابع الذي ميز حياة الإمام الشيرازي الشخصية ومسيرته العلمية طوال أكثر من نصف قرن من الزمن، فلقد لمس فيه القاصي والداني الزهد في جميع أبعاد حياته، والإعراض عن مباهج الحياة الدنيا، والتقوى من الله والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه) [٢].
لم يختصر الجهاد في حياته، ومقوماته الأخلاقية جانبا دون آخر، بل تطبع بذاته ومنهجه، حتى كان العفو والصفح من سجاياه، وكل ما استودع ضميره، وسريرته من عظمة.
وفي الوقت ذاته، هناك صرامة في مبدأ، واتكال على يقين، وفطنة منبعها ثوابت وتضحية.
كيف لا وقد اتحدت أقواله مع أفعاله، على أصول وقواعد لها كامل الهمة، والمعنى على عقيدة مبتغاها القرآن وسنة النبي وعترته الطاهرة..
لأن سمية الأخلاق الفاعلة لهي جوهر الدين، وكتابه المتكلم في أي زمن وأي ظرف ومكان.
وهو لسان حال الأمم ومابنت، واعطت في مستودع الضبط، وصبغة الضمائر فمن أراد أن يملي على حافظي القلم والتدبير، فليتكلم بما تعنيه الجملة ومصدر إحسانها على متابعيها ومتتبعيها..
لأن الأثر هنا ركيزة مهمة ومكنون يفيض خيرا لكل شريحة تحتاج الاستقرار والسكينة
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
(..... العاقل لايتكلم إلا لحاجته أو لحجته ولايفكر إلا في آخرته) [٣].
لقد ملك الكلمة، واجبرها لخدمة الدين، حتى خضعت وتوارثها خنصره الكريم في تسديد العهد والميثاق وإيواء رحلة الكتاب سفر التأليف وتعميم حروف الوجد أمهات القيد والمصادر واعتقاد المذهب.
اضافةتعليق
التعليقات