قلة أولئك الذين يستيقظون صباحاً مفعمين بالشغف ليوم عمل جديد، ففي الوقت الذي يعتبر أغلب الموظفين عملهم وسيلة لجني المال ليس إلا، يستثمر النخبة كل التقنيات والمعلومات لتنفيذ استراتيجيات النجاح مدفوعين بقوة هاجسهم للتميز ورغبتهم في ترك بصمة وضاءة في أعمالهم.
حيث تشكل محطة الإنتماء الوظيفي بداية رحلتهم، فمن خلاله يستشعر الفرد ضرورة الإبداع وتعبئة جهوده بكفاءة وفاعلية. لصنع إنجازات باهرة، أما من افتقر لهذا الإنتماء فسيحال عمله روتيناً مقيتاً لتأدية ما طُلب منه، بل إنه سيشرع بالبحث عن عمل آخر يشبع لديه هذا الفراغ الإنتمائي الذي يخترق جوانحه.
وتأتي الرقابة الذاتية انعكاساً للولاء الذي رفعه الناجحون على قمم المسؤولية، فعملهم لا يزيد أو يتناقص بحضور المسؤول أو غيابه، فقد أصبح الإلتزام بالنظام الداخلي ملكة تقودهم إلى بساتين يجنون ثمارها في كل حين.
ثم قاموا بترتيب أولوياتهم ضمن خطة محكمة مرنة لأداء واجباتهم في وقتها المحدد، ليتفرغوا للابتكار والبحث عن الجدة والأخذ بيد الزملاء في طريق تثمين العمل الجماعي والإيمان بايجابياته الوفيرة على الفرد والمؤسسة، ولابد هنا من الإشارة إلى سلوك خاطئ ينهجه بعض المحترفين في احتكار المعلومات وحبسها بين طيات صدروهم، إما بخلاً معرفياً، وإما خوفاً من تفوق الآخرين عليهم في مرحلة ما، مما يجعلهم عرضة للاستغناء عنهم حال وقوع المؤسسة بأزمة تستدعي تقليص عدد أفرادها، ويقع هؤلاء ضحية هذا التفكير السلبي غافلين عن مساوئ عدم تزكية العلم الذي أودعه الله تعالى لديهم كأمانة لابد من تأديتها، ناهيك عن الخلل الذي يحصل أثناء غيابهم المتعدد الأسباب، فأن تكون رقماً صعباً لا يعني أبدا خزنك للعلم وعدم بذله، فالعلم لا يُدرس ولا يبلى بل يزداد صاحبه إعظاماً وإكراماً إن شاركه في سبيل الله الذي سيباركه وينميه.
وقد لا تكون المحطة الأخيرة عند حل المشكلات العالقة لكنها محطة كان لزاماً التوقف عندها لتصفية الشوائب فإن لم يُؤتَوا سعة من العلم بكيفية علاجها، فعلى الأقل لن يكونوا جزءا من مسبباتها.
فإن أردت أن لا تغدو صفراً يكتب على الشمال، سارع الآن واقطع تذكرة الرحلة القادمة التي تمر بالمحطات آنفة الذكر، واعلم أن وسيلة النقل غير متاحة إلا لمن تهيأ وأعد واستعد لتغيير شامل يقتلع فيها جذور العادات التي درج عليها، ويخوضَ مغامرة من طراز رفيع.
اضافةتعليق
التعليقات