لقد ظهر مؤخرا إهتمام كبير بموضوع "الفكر العاطفي" كما يعبر عنه كين روبنسون في كتابه صناعة العقل، فكثير من الناس بعيدون عن أمور العاطفة ويشعرون بعدم قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم الشخصية.
والتفكير بصورة عاطفية خصوصا بالنسبة للأشخاص ذوات المراتب العلمية العالية، ولهذا الأمر آثار كارثية محسوسة وظاهرة في كل مكان، وهذا ما خلفه لنا وهم إسمه التعليم الأكاديمي الذي فصل الفكر عن العاطفة، وركز إهتمامه على جوانب محدودة فقط من الفكر.
ما يعني أنه ليس بالضرورة أن يمتلك شخص ذو مراتب علمية رفيعة عقلية جامدة وعملية خالية من العاطفة.
هاملين أهم جانب من جوانب العاطفة التي من خلالها يولد التفكير الإبداعي، معتقدين بأن التفكير العاطفي هو التفكير الهوائي الذي لا يمكن السيطرة عليه أو التحكم به بصورة معلوماتية.
ولكن فكرة فصل العقل عن العاطفة هو فعل خاطئ جدا وقد أدرك عالم النفس jammes hemmings من جامعة أكسفورد مخاطرة فصل العقل عن العاطفة، وبصفته أحد أعضاء الكادر التعليمي في الجامعة فقد لاحظ إزدياد عدد حالات الإضطراب النفسية بين الطلاب في الجامعة، وقد أمضى معظمهم أغلب فترات طفولتهم ومراهقتهم في المتابعة المستمرة والحثيثة للدراسة من أجل الإلتحاق بهذه الجامعة ومتابعة دراستهم الأكاديمية.
وأطلق على هذه الحالات اسم "هوس أكسفورد" والذي عرفه بأنه الإهتمام الشديد بالعقل مصحوبا بعدم النضج العاطفي، وتعتبر هذه الاضطرابات العاطفية الملاحظة لأنهم فصلوا العاطفة تماما عن فكرهم وهملوا عاطفتهم والأشياء التي قد يميلوا إليها والتي تتجاذب مع مواهبهم الخاصة والتي لو زاولوها في مجال العمل لأبدعوا فيها حق الإبداع، لأنهم بإختصار عملوا ما يحبون أو ما يجتمع مع مواهبهم الخاصة.
ففكرة أن يلتحق شاب يهوى الشعر ويجيد الكتابة إلى كلية الأداب تصور لنا مستقبل زاهر من الإبداع اللا متناهي لهذا الشاب على عكس لو التحق هذا الشاب نفسه إلى كلية الهندسة!
فالإبداع ليس عملية منطقية بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، وإنما هو إجتماع المشاعر والأحاسيس والإلهامات الشخصية مع المعرفة العلمية والمهارة، وإن الأفكار التي نحملها هي التي تحدد شكل ومعنى الحياة التي نعيشها، وإن الإبداع هو الإستمرار في البحث عن إمكانيات واحتمالات جديدة.
ومن الضروري جدا أن ندرك أن لكل انسان إمكانات خلاقة ومبدعة كل حسب ميوله وإهتماماته.
وليس الإبداع عملية تحليل منطقية بالمعنى الحرفي للكلمة كما قلنا، إنما هو تفاعل بين مجالات فكرية مختلفة يتمتع بها الفرد، بالإضافة إلى أهمية العنصر الشخصي، ولا ننسى أن نذكر أهمية التدريب والتعليم في تطوير الإبداع، هذا التدريب الذي يعطينا القدرة على الإحساس بالمادة التي بين أيدينا، حيث يكمن جوهر العملية الإبداعية في هذه العلاقة الخاصة بين المعرفة والإحساس.
اضافةتعليق
التعليقات