يلعب الانصات دوراً مهماً في فعالية الاتصال حيث إن تطبيق قواعد الإنصات الجيد يُعطي ردود أفعال مناسبة للمُرسل يشجعه على الاستمرار في الحديث، فالمُرسل يهدف من العملية الاتصالية إلى توصيل معانِ أو أفكار معينة للمُستقبل، بمقدار معاونة المُستقبل للمُرسل على تأدية هذه المهمة عن طريق الإنصات الجيد...
ويعتبر الإنصات الجيد الواعي مهارة لازمة وأساسية لأي حوار ناجح بنّاء، وقد أكدت الدراسات أننا نفكر بأضعاف السرعة التي نتكلم بها، لذلك حين ننصت تكون عقولنا في سباق لفك رموز ما نستمع إليه، وبهذا فإننا غالباً ما نطرح أحكامنا على ما يُقال لنا طبقاً لما يرد في أذهاننا وليس طبقاً لما نستقبله من رسائل. وهنا تكمن خطورة وأهمية حسن الإنصات..... لذلك فإن تنمية مهارة الإنصات الجيد مع التفكير أثناء الاستماع يجعل الرد يأتي متوافقاً مع ما يُقال فعلاً.
أهمية المنصت
إن هذه الوظيفة العقلية (الإنصات) لا تتم من طرف واحد وإنما هي تعاون متبادل بين كل من المتحدث والمنصت؛ الهدف منها إيجاد مشاركة وبناء فكر أثناء عملية الاتصال، وبدون أن يكون هناك تعاون من المنصت باهتمامه بما يقوله المتحدث لن يوجد تفاعل أو اتصال، لهذا فإن المنصت هو من يعطي للرسالة معنى وأهمية...، وعليه فإن الاتصال حتى يكون ناجحاً، فإنه يعتمد كثيراً على درجة ومستوى الإنصات لدى من نتحاور معهم حينما نكون متحدثين..
مستويات الإنصات:
السمع
الاستماع
التفسير
الاستيعاب
التذكر
التقييم
الاستجابة
كيف تحافظ على تركيزك أثاء الإنصات؟
إن العقل أثناء تفسيره للمضمون يعمل بسرعة تفوق سرعة النطق بالحديث (المتحدث)، لذلك يمكن أن يشرد ذهن المستمع خلال حديث الآخر معه، ولكي تمنع شرود ذهنك وترفع من درجة تركيزك أثناء الإنصات عليك مراعاة الآتي:
• أبعد همومك الشخصية عن بؤرة اهتمامك، وتجنب أن تشرد بذهنك بعيداً عن من يتحدث معك، وعن الموضوع الذي يتحدث فيه، ولا تجعل مشاعرك الشخصية تقف عائقاً في طريق الاستماع الكامل لمحدثك والنظر إليه والإصغاء بغرض الفهم لا بغرض المعارضة.
• تذكر دائماً أنك لا تنصت لكلمات محدثك فقط و إنما أنصت كذلك لأفكاره ومشاعره، وأحاسيسه، فاستمع لحديثه بعينيك وقلبك بالإضافة لأذنيك.
• تمهل قبل أن تقاطع من يتحدث إليك وتروّ في إبداء الرأي أو النصيحة الفورية قبل أن ينتهي من حديثه، وتجنب تصنيف المتحدث وإطلاق الأحكام القطعية قبل الانتهاء من الحديث.
• ابتعد عن التحيز لأفكارك وإن كانت تتعارض مع ماتسمعه، وأعطِ فرصة لمن يحاورك بطرح وجهة نظره كاملة.
إتيكيت الإنصات
*أظهر إصغاءك الكامل بالنظر مباشرة إلى محدثك، أو بإيماءة مشجعة من رأسك، أو بإشارة من يدك.
*يمكنك أن تساعد المتحدث إليك على الانطلاق في حديثه بإبدائك ملاحظات قصيرة تأييداً لنقطة ما في حديثه أو بكلمة تحثه على متابعة الحديث مثل (فعلاً، حقاً، أتفق مع رأيك...إلخ)، أو بطرح بعض الأسئلة التي تؤكد أنك مُصغ إلى مايقول.
* تجنب طرح أسئلة تم الإجابة عنها في سياق الحديث (دلالة على عدم المتابعة).
* اجعل تعليقك بعد انتهاء من يتحدث إليك من عرض موضوعه كاملاً.
* لا تقاطع كثيراً وكن صبوراً.
قديماً قيل على لسان الحكماء:
إذا جالست الجهال فأنصت لهم، وإذا جالست العلماء فأنصت لهم؛ فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم.
الاتصال غير اللفظي أو لغة الجسد
إن لغة الجسد هي إحدى وسائل الاتصال غير اللفظي من الأهمية التي لا نستطيع أن نغفلها أثناء تواصلنا مع الآخرين حيث تشير الدراسات إلى أن لغة الجسد توصل أكثر من 55 % من مضمون ما يريد الفرد إخبار الآخرين به، يأتي بعدها صوته بنسبة 38 % في توصيل رسالته من خلال أسلوب استخدام الشخص لصوته أثناء إخراج الألفاظ، بينما تحتل الكلمة المنطوقة نسبة 7 % فقط من الرسالة، لهذا فإن اللغة المنطوقة لا تستطيع أن تفهمها دون تفسير اللغة غير اللفظية معها، وحينما تستطيع فك شفرة الآخرين ستصبح أكثر وعياً و إحساساً بمشاعر الناس وأكثر قدرة على التواصل معهم بنجاح.
وعندما تقول "أنا عندي إحساس بأن هذا الشخص غير صادق أو أنه حريص على أن يخفي شيئاً ما ولا يعلنه"، فإنك في الحقيقة تعتمد بقدر كبير في حكمك هذا على ما وصلك من رسائل غير لفظية (إيماءات) تتعارض أو لا تتوافق مع رسالته اللفظية (كلامه).
وفي أغلب الأحيان نجد أن الرسائل اللفظية تستخدم من أجل نقل معلومات، أما الرسائل غير اللفظية فهي تكشف عن المشاعر والأحاسيس، وفي بعض المواقف نستخدم الرسالة غير اللفظية كبديل للرسالة اللفظية وتكون كافية لتوصيل المراد.
تعرّف على نمط المستمع إليك من إيماءاته
هناك نوعان من لغة الجسد تستخدمها غالبية المستمعين، والمحاور الجيد أن يحكم على استحسان أو استياء المستمع إليه من خلال ملاحظة وضعية جلوسهم ومتى وكيف يتم تغييرها.
1- المستمع المنفتح: تجده منحنياً تجاهك وتجد رأسه يومىء بالاستحسان، وتلاحظ الابتسامات الودودة، وأنت بحاجة لهذا المستمع؛ لأنه بدون وعي يؤثر في المستمع الأقل دعماً ويمكن تحويل الآخر من معارض إلى مؤيد.
2- المستمع المنغلق (المقاوم): ذو وجه جامد وعابس والجسم متصلب يميل إلى الخلف من المقعد، والأقدام مثنية للخلف ومتقاطعة والأيدي متشابكة والنظر إلى أعلى أو إلى النافذة.
التكيف مع المستمع المنغلق
1- اطلب منه أن يشرح وجهة نظره وبذلك تستطيع أن تفهم ما يفكر به.
2- اعرض بديلاً واسأله عن رأيه.
3- غيّر الموضوع مؤقتاً أو اسأله عن رأي بديل، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور فكرة جديدة قد تكون أفضل من فكرتك.
وهذه مجموعة من التدريبات تسهم في زيادة فهمك للآخر، وننوه لأهمية الوضع في الحسبان وجود اختلافات تبعاً للعادات والتقاليد والاختلافات الثقافية في لغة الجسد. ومن أجل فهم أفضل للمواقف:
*تدرب على قراءة أفكار الناس بدراستهم في مختلف المواقف، (يساعدك ذلك في فهم من تتعامل معهم كثيرا).
* لاحظ سلوك الناس في الأماكن والمواصلات العامة، المطاعم، الشوارع وحاول أن تفهم ما يقولون دون كلمات تسمعها بتقييم التغيرات في أوضاع أجسادهم وحركاتهم وإشاراتهم وتعبيرات وجههم.
* كلما فهمت اللغة غير المنطوقة سيطرت على المستمع في المواقف الرسمية وغير الرسمية.
* كلما كنت كفؤاً في قراءة لغة الجسد كنت كفؤاً في الاتصال والتواصل.
* كلما كانت لديك القدرة على تفسير هذه اللغة (غير المنطوقة) بشكل سليم، تمكنت من قراءة أفكارهم بدقة وصحة و زاد نجاحك في التواصل مع المحيطين بك.
اضافةتعليق
التعليقات