لا أحد يخرج من الحرب سالما، حتى الذي يكون الفوز من حليفه يخرج من ساحة المعركة مدمرا بالكامل، ينزف قلبه من فرط الجراح، فاقدا لقرين روح أو شيء ثمين، يحتسي على أثره كأس معاناته بشرف الانتصار!.
أي انتصار ذاك الذي يحتفل به نازفا أو فاقدا!، كلما مر من أمام مرآة نظر إلى الندوب التي شوهت قلبه، فيتساءل مع نفسه كم يا ترى أخذت الجروح مني وقتا وجهدا حتى شفيت؟!
حتى وإن انتهت الحرب ولكن الجراح تبقى نازفة، وبعد مضي وقت لا يعلم قدره ربما قد تشفى، ولكن ماذا عن آثارها؟! هل سيمحيها الزمن؟ أم ستبقى كتذكار أسود في زاوية الذاكرة تأكل من عافية الروح إلى أبد الدهر!.
في كل الأحوال لا أحد يخرج من الحرب سالما... ستبقى ظل الذكريات تلاحق صاحبها من شارع إلى مقهى، ومن صورة قديمة إلى رائحة عطر خاطفة، من نبرة صوت إلى ملامح أحد الأشباه الأربعين!.
ربما قد يكون الوقت جديرا بأن يخفف درجة الظل، من الأسود إلى الرمادي الغامق، ومن الرمادي الغامق إلى الفاتح منه، حتى يصل بالتدرج إلى اللون الأبيض.. فتصبح الذكريات ظلا أبيضا!
وقد تصاحب عملية التخفيف هذه أعراضا معينة، وربما نزيف عميق في الجهة اليسرى من الصدر يستمر لسنوات طوال... واللاشعور الدائم، وفقدان الثقة والمزاج، وقد تتفاقم الحالة وتصل إلى عزلة أـبدية.
بالنهاية، لا أحد يخرج من الحرب سالما..
تبقى المناعة الروحية تلعب دورا مهما في إعادة بناء الأنسجة العاطفية، فمهما كانت المناعة قوية ازدادت فرصة الشفاء، وفي حال كانت ضعيفة ولم تستطع الروح من مقاومتها قد تؤدي بصاحبها إلى الهلاك والموت!.
لهذا السبب تحتاج الروح دائما إلى غذاء إلهي مستمر، والامتناع عن سكريات الدنيا السامة، بالإضافة إلى الاهتمام بالصحة العبادية والالتزام بالتمارين الخمسة اليومية في أوقاتها الخاصة.
فالضربة التي لا تقتل صاحبها تقويه، وتخلق له مقاومة أعلى درجة من سابقتها، فالروح تحتاج درعا واقيا من صدمات الحياة وعناية الهية خاصة، فكلما كنا أقوى كلما كانت المقاومة أسهل وفرصة النجاة أكثر!.
وسيبقى الزمن كفيلا بأن يتدبر أمر الندوب... وفي كل الأحوال لا أحد يخرج من الحرب سالما!.
اضافةتعليق
التعليقات