الذكاء العاطفي هو مصطلح يعبر عن قدرة الفرد على التعرف على عواطفه الشخصية، وفهمها بصورة سليمة، وإدراك مدى تأثيرها على الأشخاص من حوله، ويستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بمعدل ذكاء عاطفي عالٍ السيطرة على سلوكهم وضبطه، ولديهم فعالية أكثر على معرفة وإدراة مشاعرهم الخاصة، وإدارة مشاعر الآخرين أيضاً.
وكلما ارتفعت مهارات الذكاء العاطفي، أدى ذلك لعلاقات شخصية فعالة وناجحة. حيث يتمتع بعض الأشخاص بذكاء عاطفي بطبعهم مقارنة بغيرهم، ومع ذلك بإمكاننا جميعا اكتساب هذه السمة الشخصية أو تحسينها، كما أن الاهتمام بأفكارنا ومشاعرنا والحرص على الاصغاء للآخرين والبحث عن الأشياء التي نشعر بالامتنان لها في حياتنا يمكن أن يساعدنا في تطوير هذه السمة.
وتشير الدراسات إلى أن الذكاء العاطفي مهم للغاية في تسهيل النجاح، حيث أثبتت أن الأشخاص الذين يملكون سمات شخصية محددة عادة ما يتمتعون بحياة اجتماعية أفضل ويعيشون بسعادة. وإن الذكاء العاطفي يؤثِّر على العديد من الأمور، منها:
تأثير الذكاء العاطفيّ على العمل. يُعَدُّ الذكاء العاطفيّ من الأمور التي يفتقدها موقع العمل، فلو اتُّصِفَ به في بيئة العمل، فإنّه سيساعده على إلصاق عناصر النجاح ببعضها البعض؛ حيث يساعد الذكاء العاطفيّ على التقليل من الدورات التدريبيّة الخاصة بالمُوظَّفين؛ من أجل زيادة الأرباح.
وقد أثبتت بعض الأبحاث أنّ الأشخاص الذين يمتلكون نسبة مُرتفِعة من الذكاء العاطفيّ يمتلكون أداءً أفضل من الأشخاص الذين يتّسمون بنسبة مُتدنِّية من الذكاء العاطفيّ ويجب على الشخص التخلُّص من المشاعر السلبيّة؛ كي ينعم بالصحة والسعادة؛ حيث إنّ الأشخاص السُعداء يمنعون مشاعر الذَّنْب، أو الغَضَب، أو الرَّفْض، أو الخوف من إضاعة الوقت، فوجود شعور سلبيّ في جسم الشخص؛ يتسبّب بظهور حالة من عدم الانسجام والاتّزان؛ مما يُسبّب عجزه عن أداء وظائفه بشكل كامل؛ حيث إنّ فقدان الشخص لكماله مُساوٍ لفقدانه قوّة شخصيّته.
وكذلك إن الذكاء العاطفي لا يقتصر على المستوى المهني أو الاجتماعي فحسب، بل يشمل بشكل أساسي كيفية استخدام العواطف بذكاء في العلاقة بين الشريكين. لقد أثبتت الدراسات بأن الأزواج السعداء ليسوا أذكى أو أغنى أو أكثر ثقافة من الأزواج التعساء، وليسوا بالطبع متخصصين في علم النفس أو فن التواصل أو في تقنيات المفاوضات، بل هم يتجادلون ويختلفون مثل بقية الأزواج.
إن ما يميز هؤلاء الشركاء هو امتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الآخرين يجعلهم قادرين على بلورة ديناميكية علاقية بعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على العلاقة، ويمكن تعليم مهارات الذكاء العاطفي «The emotional intelligence» و الذي يشمل ضبط النفس والحماس والمثابرة والقدرة على تحفيز النفس لأطفالنا لنوفر لهم فرصا أفضل.
وكذلك أظهرت عدد كبير من الدراسات وجود فروقات تظهر بتغيُّر جنس الشخص فيما يتعلّق بنسبة الذكاء العاطفيّ لديه؛ حيث يُرجَّح أنَّ الذكاء العاطفيّ لدى النساء أعلى من الرجال، وسبب هذا أنّ مناطق الذكاء العاطفيّ في الدماغ لدى النساء تنمو بشكل أكبر من الرجال، كما أنّ الرجال يتميّزون بأنّهم أفضل فيما يتعلَّق بمُراقَبة الذات، والتفاؤل، والاستقلاليّة، ومُقاوَمة الضغوط، وحلّ المشكلات، كما وُجِد أنّ النساء يتفوّقْنَ على الرجال فيما يتعلّق بالتعاطُف، والمَسؤوليّات الاجتماعيّة، والمهارات الشخصيّة، وإدارة الانفعالات. لذا سوف نتطرق إلى أهم عناصر الذكاء العاطفي:
العناصر الأساسية للذكاء العاطفي:
الوعي الذاتي: يتمثل في قدرة الأشخاص على فهم وإدراك العواطف الخاصة بهم واعترافهم بها، وإدراك مدى تأثيرها على مزاجهم وسلوكياتهم وقرارتهم، وامتلاكهم قدرة هائلة في معرفة وفهم نقاط القوة التي تمثلهم، والأفراد الذين لديهم هذا الوعي يمتلكون حسّاً جيّداً من الدعابة والفكاهة، كما أنّهم واثقون بقدراتهم وأنفسهم.
التحكم الذاتي: أن يكون الشخص قادراً على إدارة هذه العواطف وتنظيمها، وهذا لا يعني إخفائه لمشاعره الحقيقة بل انتظار المكان والزمان المناسبين، وطريقة التعبير المناسبة، فهؤلاء الأفراد يمتازون بالمرونة وسرعة التكيف مع رياح التجديد والتغيير، ويمتازون بقدرتهم الكبيرة في التخلص من التوتر وإدارة الصراعات.
المهارات الاجتماعية: وتتمثل في أن يكون الشخص قادراً على التعامل مع الآخرين والتفاعل معهم بشكل جيد، من خلال معرفة عواطفهم واحتياجاتهم ومخاوفهم، وتتضمن كل من: مهارات التواصل اللفظي، ومهارات التواصل غير اللفظي، والإصغاء الهادف، والإقناع، والقيادة وغيرها مما يجعل الشخص محبوبا من قبل الآخرين.
التعاطف: ويتطلب أن يكون الشخص قادراً على تمييز ومعرفة الحالات العاطفية للآخرين، وردود أفعالهم، وطريقة التعامل معها، فمثلاً عندما نشعر بأن شخصاً يائساً أو حزيناً فعلينا أن نتعاون معه ونعامله بحذر باذلين أقصى جهدنا لرفع معنوياته.
التحفيز: الدوافع الذاتية تلعب دوراً مهمّاً ورئيسيّاً في الذكاء العاطفي، وأهميتها تفوق أهمية المكافآت الخارجية كالمال والشهرة، فهي تدفع الأشخاص لتلبية حاجاتهم الخاصة وطموحاتهم وأهدافهم بشغف، وهذا بدوره يجعلهم يسعون لتكثيف الخبرات والتجارب ومواصلة نشاطهم.
كيف تصبح ذكيّا عاطفيّا؟
الهدوء: يجب عليك أن تبقى هادئا لتتحكم في مشاعرك عند مواجهة المواقف الصعبة، حيث يساعدك ذلك على التكيف مع تلك المواقف وإيجاد الحلول المناسبة لها بشكل أسرع وأكثر فاعلية.
الاستماع الجيد: كن مستمعا جيدا، وتنبّه لما يقوله الآخرون لك، وحاول فهمه دون مقاطعة، ما يساعدك على تفهم مشاعرهم والتعامل معها بشكل سليم.
الانتباه للسلوكيات: انتبه لتصرفاتك وردود أفعالك في المواقف المختلفة التي تواجهك، حتى تتمكن من التحكم في سلوكياتك والسيطرة عليها، ما يزيد من قدرتك على اتخاذ القرارات السليمة تجاه تلك المواقف.
الثقة بالنفس: احرص على إدراك نقاط قوتك وضعفك دون إنكارها أو التهرب منها؛ فهذا الأمر يزيد ثقتك بنفسك.
التحكم في العواطف: فكّر جيدا قبل الاندفاع والتصرف بما قد تندم عليه عند الغضب أو المشاعر المشابهة له، واعلم أن ردود الفعل يجب ألا تصدر فورا، حيث يمكنك التعبير عن مشاعرك السلبية في وقت لاحق.
تفهّم الآخرين: تفهم تصرفات الآخرين من خلال معرفة الأسباب المؤدية إليها مثل الغضب، وحاول أن تتواصل وتتعامل معهم على هذا الأساس.
تحمّل المسؤولية: تذكّر أن مشاعرك وسلوكياتك تنبع من داخلك ولا علاقة لأي شخص آخر بها، لذا عليك أن تتحمّل مسؤولية مشاعرك أو تصرفاتك التي تقوم بها.
البيئة الإيجابية: حدّد البيئة التي تشعرك بالراحة، وحاول تغيير ما هو سلبي فيها، مثل مشكلاتك في العمل أو البيت، ولو بخطوات بسيطة، فذلك يزيد من متعتك في الحياة.
أهمية الذكاء العاطفي
لا يخصّ الذكاء العاطفي الأشخاص الذين يتواصلون مع الآخرين بكثرة فقط، وذلك لأنّ أهميته وآثاره تتخطى الناحية الاجتماعية من حياة الإنسان لتصل إلى كافة جوانب الحياة على النحو التالي:
1- الصحة الجسدية: ذلك بمقدرة الشخص على رعاية نفسه والتحكّم بمعدلات التوتر لديه، والذي له تأثيرٌ كبيرٌ على الصحة العامة.
2- الصحة العقلية: يؤثر الذكاء العاطفي على منظور الشخص في الحياة، ويساعد على تخفيف التوتر وتجنّب الاكتئاب وتقلبات المزاج.
3- العلاقات: بفهم المشاعر والمقدرة على التحكّم بها يتمكن الشخص من التواصل عاطفياً بطريقة بناءة، ويتمكن من فهم الآخرين والترابط معهم.
4- حل الخلافات: يتمكن الشخص من حل الخلافات وتجنّبها عند مقدرته على تمييز مشاعر الآخرين والتعاطف معها، كما ويتمكن من النقاش بشكل أفضل بسبب مقدرته على فهم حاجات ورغبات الآخرين.
5- النجاح: يساعد الذكاء العاطفي على تبني حوافز داخلية أقوى، والذي يحدُّ من المماطلة للوصول إلى الهدف، ويزيد الثقة بالنفس، ويحسِن المقدرة على التركيز على الغاية.
6- القيادة: يجعل الذكاء العاطفي الشخص قيادياً أفضل، بسبب مقدرته على تحفيز الآخرين وبناء روابط أقوى معهم.
اضافةتعليق
التعليقات