في داخل كلِّ فرد منا مجموعة من الأصوات والتي إن لم تُحدد بوصلتها تخبطَ بعضها ببعض، فينتج صوت ضوضاء داخلي يقوده إلى الانصياع إلى أيها أقرب للنفس ومن هنا يبدأ الضياع!.
وعندما نعدد هذه الأصوات نجدها كثيرة وتتداخل فيما بينها لدرجة أنك لا تستطيع التمييز بينها ومنها: صوتٌ غالبا ما يتحدث بداخلك هو أقرب لك، يفهمك، يوضح لك الطريق، صوت الضمير، وآخر يجعلك تستسلم في أولى الخطوات بمجرد أن يجد صعوبة فيها، صوت الفشل، وذلك الذي يحقركَ عندما تحاول أن تطير بجناحيك ويذكرك بأنك من تراب، صوت التواضع، والصوت اللوام، وصوت الغرور، والخوف، وصوت الفراغ، وذلك الذي يبتلع الإيجابية ليتركك كتلة من الإحباط تلتهم أيامها من أجله، صوت الماضي.
وأصوات أخرى شأنها شأن صوت الصمت الذي يسيطر على المجتمع، وهذا الصوت بالذات ينقسم إلى أقسام منها يفيد الانسان ومنها ما يضر، وهذه الموجات التي توجه الانسان إما للحق أو الباطل، هي الحرب الحقيقية التي يخوضها الانسان من ولادته وحتى وفاته، منها جوهرية مثل الخير والشر والحق والباطل، وأخرى أخلاقية، واعية، وغير واعية، ولسنا في صدد تفصيلها وإنما في صدد معرفة كيفية تنظيمها وتهذيبها.
فلو ذهبنا الى القرآن الكريم ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وجدنا أن الباري عز وجل حدد لنا الطريق والاختيار لنا، للوهلة الأولى نجد أننا نحمد الله أننا نحن على طريق الحقّ، وكذلك نحمد الله ونشكره، لكن المسألة ليست بهذه السهولة، نحن هنا كالذي عرف شيء وغابت عنه أشياء.
لأن لنا مجموعة من الأصوات التي تسيطر علينا منها (لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) و (النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) و (فوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ) وغيرها من الآيات ومع زمان اختلاط الحق بالباطل كما يروى وصفه عن الامام الصادق عليه السلام: (فاذا رأيت الحقَّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق، واُحدث فيه ما ليس فيه، ووُجّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفيء الاناء، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقِّ، ورأيت الشرَّ ظاهراً لا ينهي عنه ويعذَّر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر) وفيه (القابض على دينه كالقابض على جمرة)، فتنازع الأصوات يصبح أكثر صعوبة والسائل عن السبيل يهديه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.
فمن الضروري عرض كل صوت بداخلك على الثقلين ما طابقهما تأخذ به صوت حق وما خالفهما تعتبره باطلا، فلن تجد منظما لتفاصيل حياة الانسان كما القرآن الكريم ولو أردنا تفاصيل التفاصيل نجدها في أحاديث أهل البيت عليهم السلام وبهذا تنتظم الأصوات داخلك، لتجد منك فردا سويا تعي ما تفعل، حتى تشربه ليصبح الصوت متأصلا بداخلك، وبوصلتك التي ترشدك دائما.
اضافةتعليق
التعليقات