النّاس يعيشون في هذه الدنيا حياة تختلف عن الآخر. فواحد يعيش منعمًا مرفهاً، وآخر يعيش حياة مليئة بالمشاكل. وبعدها يترك الكل هذه الدنيا وينتقلون إلى عالم آخر هو "عالم الآخرة". وفي عالم الآخرة كذلك تختلف حياة الناس، مع فارق أن الدنيا قصيرة وفانية أما الآخرة فهي باقية وأبدية. فقد يكون الإنسان سعيداً في الدنيا والآخرة، وقد يكون شقياً فيهما. وقد تكون دنياه نكدة لكن آخرته جيدة.
لقد خطّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله للناس طريقاً يوصل إلى السعادة في الدارين، حيث قال: "حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة". فكل انسان بمقدار حسن خلقه سيكون سعيداً في الدنيا والآخرة. ويمكن لمس ذلك بالنظر إلى حياة من حولنا من الأقارب والأرحام والأصدقاء.
إن السعادة إحساس يكمن في أعماق الإنسان وليست بالظواهر، من الصحة والسلامة، أو المال أو العلم أو الجاه والمنصب. فكثير من أصحاب الثروات والمناصب والرتب العلمية العالية يعيشون القلق والكآبة ومصابون بأمراض عصبية حادة، وفي المقابل نجد أن كثيراً من الفقراء والمصابين بالأمراض المزمنة يعيشون السعادة في أعماقهم.
فهنالك من لا يجد لقوت يومه إلا الخبز لكنه يشعر بالسعادة وراحة البال، وغيره تبسط أمامه مائدة عليها أطعمة متنوعة لكنه لا يجد لذتها.
نعم تحصل للإنسان بالعلم النافع السعادة، لكن ليس العلم دائماً يساوق السعادة.
إن حسن الخلق لا ينحصر بطلاقة الوجه بل إن للأخلاق الحسنة درجات ومراتب.
لقد خلق الله تعالى الإنسان وأعطى بيده إن أراد أن يكون صالحاً، أو أن يكون سيئاً – والعياذ بالله – أو متوسطاً. فهذا الأمر بيد الإنسان سواء كان رجلاً أم امرأة لا فرق.
فأبو ذر صار "أبا ذر" باختياره، وهكذا "شمر" صار شمراً باختياره. وآسية امرأة فرعون صارت كذلك وبلغت الدرجة الرفيعة بإرادتها واختيارها، فرغم أنها كانت زوجة فرعون لكنها إختارت الطريق الصحيح، كما اختارت جعدة بنت الأشعث لنفسها تلك العاقبة السيئة حيث سمت الإمام الحسن سلام الله عليه، السبط الأكبر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهكذا هو الحال في الدنيا، فكل ما في الأمر هو أن يختار الإنسان الطريق الصحيح.
فإذا صمم الإنسان أن يكون جيداً فإنه سيوفق لذلك، ويحصل ذلك إذا إلتزم بثلاثة أمور:
1- الاخلاص.
2- السعي والعمل. فحري بالمؤمن أن يكون مليئاً بالسعي والنشاط، وأن لا يضيع عمره بالبطالة، ولا يبيعه بالتوافه لأن عمر الإنسان أغلى ما يملك. فكما أن الذي يملك قطعة أرض لا يبيعها بثمن بخس، فكذلك ينبغي للإنسان أن يعرف قدر عمره أكثر وأن يصرفه في الأفضل.
3- الأخلاق الحسنة.
هذه الأمور الثلاثة هي أركان الموفقية والنجاح.
من كتاب (المرأة والعائلة) توجيهات سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي
اضافةتعليق
التعليقات