أمر صعب أن نشعر بالتأنيب والرضا في آن، احساس حلو ممرغ بالمرارة، كالبندول تتأرجح مشاعرك يمين ثم تتجه يسار، ولكن عليك معرفة وجهتك في نهاية المطاف، مهما تهربت سيداهمك الوقت ويجبرك للالتفات والنظر لمفترق الطرق والاختيار.
معركة القرار هذه تختلف قوانينها عن كل المعارك رابح تكن أو خاسر لا تقبل التعادل، يصفونها تمرد وانقلاب القلب أو استملاك وفرض العقل، تكن في حيرة من أمرك تخالف مبدأ وقانون تقوده مشاعر وأحاسيس باسم الانسانية أو الحب، أو تفضل خيارك الثاني وهو إنعاش العقل بأوكسجين المفروض والمفترض والقضاء على التمرد بقنبلة المنطق الذرية.
في الحالات الإنسانية شبح العقل ينازلك تغلبه بايمانك بقضية تتبناها وتدوس على القانون أو المتوارثات لصحتها وقوة حقيقتها التي تراها وربما لا يراها غيرك وتكن انت المدافع الوحيد والرابح برأيك ويتفق معك البعض، أو يغلبك بجبروته ونفوذه وسيفه الحاد، فتشعر بتأنيب خفي موجع وتقع فريسة الخلطة الشرسة اللذيذة التي تشعرك بخسارة مرضية لتخدر آلامك.
ولكن في الحب أمر مختلف إنه مختلف جدا، فجيوش القلب النابض تهجم من الأعماق بمنجنيق العشق وتستبيح ممتلكات العقل وتنحر كل المعوقات في شرايينها وتبني سورا صنديدا منيعا ينهل كماء رقراق يطفيء به جمرات التأنيب، هنا الرضا يلبس ثوب عفة الرغبة وطهارة الحلم ويتزين بفرح اللقاء ويغزل بخيوط الأشواق رداء الصلابة والثبات ويتسلح بطعم الذكريات المنعشات، فلا مناص من الاستسلام إلا ما ندر.
الجموع المتحيزة للعقل تنصحنا إن خالف قلبك عقلك اذاً هناك علة ستجلب لك الندم فسر مطاوعا وراء ما يرشدك به عقلك، والجموع المتحيزة للقلب تقول متى ما فزت بقلبك فقد ربحت حياتك فسيروا وراء ما يقوله لكم.
يبقى للعقل والقلب جذور متشابكة متفرعة، تحمل ألف حكاية وحكاية، منها من تهبها لنا نافذة الأحلام، حين تعصرنا قوانين العقل ليسافر بنا فرسان الخيال لواحة شاسعة نرسم بها رغباتنا بريشة متمرس ودقة عارف بألوان زهرية مبهجة.
وأخرى يحثنا إليها العقل ويجند الطموح والتخطيط للسعي وراءها واستحصالها، وبين هذا وذاك يبقى البندول يتأرجح يجرفنا تارة هنا وتارة هناك.
اضافةتعليق
التعليقات