أبو الحسن علي بن مهزيار الدورقي الأهوازي هو فقيه وراوي ومُحدّث ومُفسر ومُؤلّف شيعي، وقد كان من أسرة مسيحية ثُم انتقل إلى الإسلام حسبما يُنقل عن المازندراني *1.
كان من أصحاب بعض الأئمة وعاصر أربع منهم وهم: الرضا، الجواد، الهادي، العسكري عليهم السلام، فضلاً عن ذلك؛ فإنه وقع في إسناد كثير من الروايات، ويبلغ عدد هذه الموارد أربعمائة وثلاثين مورداً، فقد روى عن: الجواد، والهادي، وعن أبي داود المسترق، وأبي علي بن راشد، وابن أبي عمير، وغيرهم.
وهو ذو مقام عظيم عند الشيعة حيث أجمعوا على وثاقته وجلالة قدره عندهم، ورووا عن أئمتهم أحاديث في فضله ومدحه والثناء عليه.
وكان عالماً فقيهاً، ومن خواص أصحاب الإمام الجواد (عليه السلام) وكان يمتاز بمكانة رفيعة عنده. فكان الإمام (عليه السلام) یشمله بعواطفه، ورعايته، ويدعو الله تعالى له بأدعية فريدة من نوعها.
ونحن حينما تتدبر في كلمات الرسائل المتبادلة بين الإمام الجواد (عليه السلام) وبين علي بن مهزیار(رحمه الله تعالى) نحصل على عبر ودروس نافعة جداً، إذ أنه كم يلزم للإنسان أن يصعد في مدارج الكمال حتى يصل إلى درجة يخاطبه الإمام.. بمثل هذه الكلمات السامية المعبرة؟!
کتب الإمام الجواد (عليه السلام) إليه:
(وأما ما سألت من الدعاء، فإنك لست تدري کیف جعلك الله عندي، وربما سميتك باسمك ونسبك مع كثرة عنايتي بك، ومحبتي لك، ومعرفتي بما أنت عليه فأدام الله لك أفضل ما رزقك من ذلك، ورضي عنك برضاي عنك، بلغك أفضل نيتك، وأنزلك الفردوس الأعلى برحمته، إنه سميع الدعاء، حظك الله وتولاك، ودفع السوء عنك برحمته، وكتبت بخطي).
ولعل المقصود من عبارة أو كتبت بخطي: إني لم أدع كتابة هذه الرسالة لكاتبي، بل كتبتها بخطي، تقديرا لك.. وإظهارا لمكانتك عندي، وعزتك لدي.
وهذا يدل على مزيد خصوصية العلاقة بين الإمام الجواد وبین علي بن مهزیار.
إن هذه الرسائل تحتوي على فوائد معنوية مهمة جداً، ويعتبر بعضها بمنزلة دروس تربوية وأخلاقية.. للذين يريدون السير في طريق المعنويات، ومن خلالها نتوصل إلى حقائق مهمة جدا، ومنها: إمكان وصول الإنسان إلى درجة عالية من الإيمان والتقوى، بحيث تكون له منزلة رفيعة عند الله تعالى، ومكانة واسعة في قلوب الأئمة الطاهرين (عليهم السلام).
ترى نحن كم نحاول أن نكون قرب إمام زماننا؟
كم نبذل من الجهد لنصل إلى الذي وصل إليه بن مهزيار وغيره من الصحابة الذين حباهم الله بالقرب من أوليائه وصفوة خلقه؟
ترى لو كتبنا لإمام زماننا رسالة نخطها بقلوبنا نعبر بها عن شوقنا للقائه، نشكو له غربتنا وقلة حيلتنا هل نحن كـ ابن مهزيار ليجيبنا صاحب الزمان!
فقد قال جواد آل محمد (عليهم السلام): القصد إلى الله بالقلوب. .أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال.
هل شيعة المهدي يقصدون بقلوبهم الله ويرجون ظهوره منه تعالى أم لا؟
نحن نعيش هذا الكم من الأزمات الأخلاقية والفكرية والخواء الروحي والنفسي علاوةً على المشاكل الصحية والجسدية التي تدور داخلنا وخارجنا بحلقة ضيقة تكاد تخنقنا، كل هذا يحدث لأسباب كثيرة أهمها أننا نُتعب الجوارح ونضيع مقاصد القلوب إننا نغفل عن أمور تفصيلية صغيرة لكنها هي التي تُحدث الفرق الجوهري بحياتنا.
اضافةتعليق
التعليقات