قدْ تمر عدة سنين بلا أن تعرف أخباره وتلتقي به لتدرك عندها أنه كما اعتدته دوما، قد تمر عدة مناسبات بلا أيّ نوعٍ من الرسائل ليفاجئك بعدها برسالة لا تتجاوز الخمسة أسطر لتفيض بعدها عيناك تذكيرا لك بأنه مازال يثير فيك ذات الإحساس، قد يختار لك أرخص هديةٍ لتكون الأثمن بين هداياك.
هذا ما قصدته دوما بقولي صديق. الصديق ياصديقي لا يعاتبك بين يوم وآخر، لا يكون هماً وعبئاً عليك مع هموم الأيام.
الصديق، كما علمتني صداقاتي المعدودة هو من يثير فيك نوعا غريباً من الدفء، نوعا من الشوق للحديث معه عن إفطارك المفضل، أو عن فلم البارحة وكيف أنه أبكاك كثيرا، هو من يجعلك لا تشعر بحرارة الشمس الشديدة فقط لأنكما تتحادثان عن كمية كرهكما للجامعة التي تدرسان بها، هو من لا يحتاج أن تبدأ كل حديث معه ورسالة ب قول مرحبا أو كيف الحال، هو من تذهب لبيته لتشعر أن غرفته لك، وأغراضه أغراضك، هو من تستطيع أن تكون معه أنت كما أنت لا كما أرادك الآخرون أن تكون، هو من عندما تخبره سراً ما لا تحتاج إلى إرفاق سرك بالجملة المعهودة: "لا تقل لأحد"، أتعرف معنى أن تملك شخصاً يقول لك أنك مخطئ لكنه لن يسمح لأحد آخر بقول هذا لك، أن تملك شخصا سيعرف حقا أنك تضغط على نفسك كثيرا في هذه العلاقات المزيفة التي تحيط نفسك بها، هذا ما أدعوه بالصداقة، أن أملك شخصا أجلس، أأكل، أمشي وأضحك بقربه على سجيتي دون استخدام الشيء المعروف بالبريستيج، أنا أنا، أنت أنت وهذا ما يجمعنا حقا.
أننا حقيقيان معا، مزيفان مع الجميع.
صديقي هو من أشكي له أيامي، هو من يخبرني أن نكاتي تافهة جدا مع أنه يفرط ضحكا على كل واحدة منها، هو من أتقمص الكثير من صفاته دون أي شعور أو قصد مني.
هو من تعرف من مشيته إن كان حزينا أو سعيدا، من طريقة كتابته إن كان متألما من شيء ما، هو من تعرف أنه قد لا يحتاجك لتسمعه أحيانا بقدر إحتياجه أن تجلس قربه فقط بكل صمت لتخبره أنني أشعر بك، هو من ستدعه يبكي دون أن تستفسر منه إن لم يرد أخبارك، سيعرف دوما أنه مازال يملك مساحته الشخصية الخاصة معك.
صديقي هو الذي وإن تغير سيبقى صديقي الأفضل.
اضافةتعليق
التعليقات