مع بداية عام دراسي جديد تظهر مسألة مهمة تتكرر في كل عام دراسي وبالأخص بعد مرور عدد كبير من طلاب الصف السادس بالأمتحان الوزراي وتجاوزها بنجاح وتفوق بمعدل جيد أو عال، فيقف الطالب أو الطالبة في مفترق طرق ويحتار في عدة اختيارات وتُكمن الصعوبة في تحديد الشغف مع ما يتناسب من المحصول من المعدل ففي ذلك تحديد اختصاص ويحدد مستقبل بأختيار التخصص الجامعي الذي سينتج عنه مسار عمله أو احترافه في مجال معين بعد التخرج.
وتصنف الجامعات الطبية والصيدلة وطب الأسنان وبعدها بدرجات قليلة الهندسة بفروعها ضمن المعدلات المرتفعة لما لها من صعوبة ولما لها من أهمية لا تقل عن باقي الاختصاصات العلمية المتعلقة بحياة الانسان مما يؤهل الطالب مستقبلاً بعد إتمام دراسته من ممارسة مهنته بدراية كبيرة وبإحترافية تمكنه من عدم تعرض حياة الاخرين للخطر بحيث تكون من أولوياته ومسؤولياته هي مسألة الحفاظ على صحتهم وسلامتهم وطرق علاجهم.
كما أن الأمر يخص من كانوا في اختصاصات أخرى لذلك يجب أن تكون السلامة العامة وكل مايتعلق بها للإنسان هي في المقدمة..
وإذا بالحيرة تكون على شكل غيمة تطفو فوق سماء طلبتنا الأعزاء فيلجأون إلى الأستشارة من ذويهم أو أخوتهم الذين يكبرونهم سناً وفي بعض الأحيان من صديق سبقت لهُ التجربة أو قريب للعائلة ممن تمكنوا من خوض التجربة وأفادت أختيارتهم ووصلوا بها إلى بر من الأستقرار والقناعَة.
تكون هذه المحطة ناجحة ولكن لها وجهاً أخر احياناً وبالأخص للطالبات ففي بعض الأحيان يلجأ الأهل إلى فرض اختيارات معينة لاختيار التخصص الجامعي لأبنائهم وبالأخص البنات كالتدريس أو مهنة محددة خوفاً عليهن من أي مهنة قد تكون مجلبة للمشاكل لهن وذلك تحت ذريعة ان الأهل أعلم بمصلحتهم فينتج عن ذلك أمران:
_ إما الخضوع من الابن أو الابنة ومسايرة الأهل والاعتياد وتقبل ذلك دون سلبيات أو نتائج عكسية.
_ رفض الأمر أو النفور منه والاستمرار مع الفشل أو بالنجاح لكن مع فقدان الرغبة في العمل أو الدراسة بذلك التخصص وذلك ربما لوجود شغف كبير منه تجاه جانب أو تخَصص ما وقد يكون هواية أو موهبة أو شيء أقل من معدله يجد فيه نفسه، لربما الحيرة التي تباغت بعد لحظة الفرح بالتخرج تترتب عنها نتائج منها، ما هي الجامعة التي سأدخل إليها طالباً وأختار منها تخصصاً يناسب مؤهلاتي وشغفي؟
وفيما إذا كان تدخل الأهل في تحديد الجامعة وتخصصها للابناء وتأثيرها أكان أيجابياً ام سلبياً طرحنا هذا السؤال على عدد من الأشخاص من دول مختلفة لنرى مدى تباين الأراء وتباينها.
ففي البداية كان معنا يحيى أسلام من فلسطين وكان رأيه: "تدخل الأهل في تحديد نوع التخصص الجامعي للابن أو البنت قد يكون كارثي في بعض الأحيان لأنهم قد يختارون تخصص خلاف قدرات الابن وهذا مما يقوده في بعض الأحيان إلى الفشل.
المفروض ان المدارس الثانوية أن تكون مناسبة أكثر لتطهر ميول الطلبة وتُعرفهم بقدراتهم وحجمها الحقيقي وكذلك المواهب وحينها سيختار بنفسه دون تدخل لربما كل شخص يفهم نفسه أكثر.
وشاركتنا مريم من الاردن برأيها: عند معظم العرب يكون تدخل الأهل بأولادهم بشكل كبير بعكس الدول الأخرى التي تعطي حرية أكثر للأبناء في حرية الأختيار طريقة عشيتهم ودراستهم.
وكذلك شاركت شروق الجندي من الاردن:
من وجهة نظري، اختيار التخصص مسألة شخصية تعتمد على شغف وطموح الفرد، وليس خطأ ان ياخذ رأي الأهل وليس هذا معناه أن يكون القرار للأهل.
وعماد من مصر كان له وجة نظر مختلفة ولكنها حقيقية بدرجة كبيرة، وكان يرى بأن تدخل الأهل كفرض أختصاص أو جامعة معينة ماهو الا تفاخر من جهة الأم بأبنها لكي لا يكون أحد من أقربائها أفضل منه.
وربما الأب هو يريده فقط أن يجد وظيفة ولا يبقى عاطلٌ عن العمل ويحمل همه.
ومعنا ستينه من الأردن أوجزت: تدخل أهلها في شيء بسيط وهو اختيار جامعة قريبة تجنباً للمشقة في المواصلات أو في السفر.
وقد تكون الأسئلة الموجهة نحو طلاب جامعيون أو خريجون ذات أثر أكبر، فلذلك طرحنا سؤال ووجهنا نحو لفيف منهم لنرى نتائج تجاربهم وكان السؤال الذي طرح عليهم:
"من ساعدك في أختيار تخصصك الجامعي وما كان دوره ونتائجه على مستقبلك؟"
وكانت البداية مع الست أوراد عبد المحسن حيث أوضحت بأن السبب وراء كونها مدرسة كانت المضي وراء رغبة الأهل التي هي خلاف رغبتها وهي الاداب والتخصص في الاعلام/ صحافة.
وأما دعاء موسى من بغداد فتؤكد أنها في المكان الصحيح والفضل يعود لوالدتها.
والرأي الذي فاجئنا بغرابته وهو رأي الرسامة المبدعة ميادة منصور حيث أوضحت أن هذا الموضوع الذي يؤلمها ويسعدها بذات الوقت.
وفيما شاركت الرسامة نور الهدى الصالحي بخصوص الأختصاص الجامعي وكان جوابها أن الأهل قد طلبوا منها التخلي عن حلمها واختيار تخصص بعيد عن شغفها وقد قامت بتلبية ذلك.
وأما الكاتبة الشابة نور آل يونس فقد عبرت عن سعادتها وهي تتحدث عن هذا وأوضحت بأنه حلم حياتها وحصلت فيه على مساعدة من الأهل.
وأما الدكتورة رواء الطائي فذكرت أن المعدل الذي حصلت عليه هو الذي حدد تخصصها وعند استعلامنا عن الأختصاص كان ردها بأنه التقنيات الأحيائية.
وتبقى كل حالة هي فردية بحد ذاتها ولا تنطبق عليها قاعدة عامة ولكن هذا لا يجعلنا نجزم بأننا يمكن الاستهانة بكونها مرحلة عميقة وتحدد مسار حياة الكثيرين، بالطبع الرضا والقناعة هما أولى الدرجات في سلم النجاح ولكن الطموح إن كان ولا بد من أن يحمل همه الأنسان فأولى بأن يكون منبعه من قلبه وليس ضغوط خارجية من أهل أو صديق أو غيرهم.
لكل من تخطى أول الدرب دون عثرات واستقام الخطوات نلفت نظره بأنه قد يكون قد حالفه الحظ وأن سعيه لابد وأن يحتاج إلى مواصلة لجهد حثيث حتى يستمر، فلا نجاح دون استمرار فالبداية رغم صعوبتها فهي يمكن أن تنسى وتطوى إذا ما تكللت وتوجت بنجاح كبير وتوفيق يليق بكم سعينا.
وهمسةٌ بإذن كل أم وأب؛ قيموا قدرات أبنائكم بمستواهم الحقيقي دون ضغط أو خذلان أو قسرٍ حبا بافتخار أو وجاهة.. السعادة ربما في البساطة وفي طياتها مفاتيح التوفيق.
اضافةتعليق
التعليقات