الإنسان المؤمن الذي ارتبط قلبه بالحسين عليه السلام لا يقوى على فراقه طويلاً، فيعود مشتاقاً إلى سيده ومولاه الذي ذاب حباً فيه من دون أن يراه، فإذا أراد المؤمن أن يعرف مدى قربه من إمامه، فعليه أن ينظر إلى حاله وما هو مشغول به، فإذا كان قريب منه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقائم على ما فرض الله من عباداته ومن فرائضه وسننه، فليبشر بالخير؛ لأن الله سبحانه وتعالى والإمام لا يهدي إليه إلا من يحبه، وإذا كان منصرفاً عن الدعوة إلى الله ويحب الإمام بقلبه لا بعمله، ويعصيه ولا يقوم بعبادته، تأخذه الدنيا وما فيها من شهوات ورذائل إلى الهاوية، فليعلم أنه بعيد عن الله.
فاالله جعل للعبد وسيلة لكي يتوجه له، ويطلب حاجته فعنده لا تضيع الحوائج، فجعل فيه السر العظيم الذي يتجه إليه الملايين كل سنة، وليقدموا له الروح والقلب الذي ملأ بعشقه وبحبه فالخطوات تتسابق راجيةً لشفاعتة يوم يبعثون.
فجعلوا عنوان حياتهم الحسين عليه السلام فلما يذوب العاشق فيه ينسى العالم ويسعى ليرى محبوبه ولو بعد حين. فسره العظيم الذي اودعه الله فيه وجعل حب الناس والعالمين في قلوبهم يسيرون إليه لا مبالين بالتعب، بل همهم الوحيد الوصول لقبته النيرة والصفح عن قصورهم في خدمته وبعدهم عنه.
ها هم ياسيدي جاءوا إليك ملبين دعواك ساعين لعفوك عنهم..
فهاهنا يعلمنا مولانا الإمام الباقر عليه السلام كيف نزورك نقبل ترب اقدامك؟
حينما يقول على زائريه ابا عبد الله الحسين عليه السلام.
حيث قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة: «شرحُ زيارة أبي عبد الله عليه السلام في يوم عاشوراء من قرب أو بُعد.
روى محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
مَن زار الحسين بن عليّ عليهما السلام في يوم عاشوراء من المُحرّم، حتى يظلّ عنده باكياً، لقيَ اللهَ عزّ وجلّ يومَ يلقاه بثواب ألفَي حِجَّة، وألفَي عُمرة، وألفَي غزوة، ثوابُ كلّ غَزْوَةٍ وحِجّةٍ وعُمرة، كَثوابِ مَن حجَّ واعتمرّ وغزا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومع الأئمّة الراشدين.
قال: قلت: جُعلت فداك، فما لمَن كان في بعيد البلاد وأقاصيها، ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟
قال: إذا كان كذلك برزَ إلى الصّحراء، أو صعدَ سطحاً مرتفعاً في داره، وأوْمَأ إليه بالسلام واجتَهدَ في الدّعاء على قاتلِيه، وصلّى من بعدُ ركعتَين، وليكُن ذلك في صدرِ النّهار قبلَ أنْ تزولّ الشمسُ، ثمّ لِيَندب الحسينَ عليه السلام ويَبكيه، ويَأمر مَن في دارِه ممّن لا يتّقيه بالبكاءِ عليه، ويُقيم في دارِه المصيبة بإظهارِ الجَزَع عليه، ولْيُعَزِّ بعضُهم بعضاً بِمصابِهم بالحسين عليه السلام، وأنا الضامنُ لهم إذا فعلوا ذلك - على الله تعالى - جميع ذلك.
قلت: جعلتُ فداك أنت الضّامن ذلك لهم والزعيم؟
قال: أنا الضّامن وأنا الزّعيم لمَن فعل ذلك.
قلت: فكيف يعزّي بعضُنا بعضاً؟
قال: تقولون: (أعظَمَ اللهُ أجورَنا بِمصابِنا بالحسين، وجَعلَنا وإيّاكم من الطّالِبين بثارِه مع وليَّه الإمام المهديّ من آلِ محمّدٍ عليهم السلام).
قال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة: قال علقمة بن محمّد الحضرميّ: قلت لأبي جعفر عليه السلام: علِّمني دعاءً أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرتُه من قُربٍ، ودعاءً أدعو به إذا لم أزره من قُربٍ وأَوْمأتُ من بُعد البلاد ومن داري بالسلام إليه. قال:
فقال لي: ياعلقمة، إذا أنتَ صلَّيتَ الركعتَين بعد أنْ تومي إليه بالسلام، فَقُل بعد الإيماءِ إليه من بعدِ التكبير هذا القول، فإنّك إذا قلتَ ذلكَ فقد دَعوتَ بما يدعو به زُوَارُه من الملائكة، وكَتبَ اللهُ لك مائةَ ألفِ ألف درجة، وكنتَ كمَن استُشهدَ مع الحسين عليه السلام، حتى تُشاركَهم في درجاتِهم ولا تُعرف إلّا في الشّهداء الذين استُشهِدوا معه، وكُتب لك ثواب زيارة كلِّ نبيٍّ وكلِّ رسولٍ، وزيارةِ كلّ مَن زار الحسينَ عليه السلام، منذُ يوم قُتل عليه السلام وعلى أهل بيتِه".
ثمّ أورد الشيخ الطوسي زيارة عاشوراء، التي عَلَّمها الإمام الباقر عليه السلام لعلقمة. وبعد أن أورد الشيخ الطوسي الزيارة بتمامها، أورد ما يلي: "قال علقمة: قال أبو جعفر عليه السلام: إنِ استطعتَ أنْ تَزورَه في كلِّ يومٍ بهذه الزيارة من دارِك فافْعَلْ، ولكَ ثوابُ جميع ذلك".
لذا عليك أيها المؤمن قراءة زيارة عاشوراء صباحاً.. ومساءً، لكي تقترب أكثر من الإمام ويكون لديك منزلة عظيمة وشأن عال.
فلنقرأ كلماتها بتمعن ونظر ويقين، ولنعتبر من حروف كل كلمة قيل فيها عن سيدي ومولاي ابا عبد الله الحسين عليه السلام. فالأجر العظيم فيها وسر إلهي وضع في قراءتها.
فإذا أردت القرب من الله توجه إليه بالحسين عليه السلام واجعله وجيهاً لك عند الله، فقربك منه يعني اقترابك لله، وحبك للإمام يزيدك قرباً لمعبودك.
فعليك بالذكر وزيارة عاشوراء دوماً في كل حياتك واجعلها ورداً لتنقيك من كل ذنب عظيم.
اضافةتعليق
التعليقات