تعب وألم وضجر والناس تتألم وتعيش منهكة الأعصاب بتفكيرها وانشدادها لماضٍ مؤلم ولأشياء تبغي الحصول عليها فلم تحصل، وبين كل ذلك تضيع بحياة لاتحياها فعلا ولا تسعى لكي تنجو منها.
-آه لقد انتهيت لا أستطيع التحمل والمواصلة. كم يؤلمني رأسي. آه، تباً لهذا الصداع، أشعر بالضعف لا أقوى على التركيز ولا حتى التواصل مع أسرتي..
-مابك صديقتي؟ ممَّ كل ذلك هوني عليك.
-ماذا أقول لك ياعزيزتي.
أفكر كيف سيكون حال أولادي، وزوجي لا يهتم كثيرًا، ولا يسمع مني ولا يتعاون معي من أجل أن يكون حالنا أفضل.
لو أنه عمل جيداً من قبل لو أنه يسمع لي فنتفق على آلية نمضي بها سوية..
-مهلًا مهلاً صديقتي. أ تشغلين فكرك بكل ذلك أتندبين أمور مضت وتُرهقين نفسك وتُضيعين وقتك بما يضر صحتك وحياتك.
أتعلمين أن قلقك هذا، وانشغالك بهذه الأفكار ستخسرين حتى أسرتك بسببه.
لا تبقي تلومي وتندبي أمور حدثت أو لم تحدث، فلو لم يتفق معك زوجك بشيء فأنت أيضاً لم تعطي نفسك المجال بفهمه ومحاولة العمل والتغيير من واقعك. إنما أنت تحبسين نفسك بهذه الأفكار والقلق المدمر الذي كما ترين قد أثر في صحتك وأرهقك.
ثم دعيني أسألك بقلقك وخوفك هذا وسيطرة القلق عليك بهذه الطريقة هل يُحسّن من حالك أو يحل مشكلة لك.
-لا لم يحصل ذلك بالفعل. إنما قد أفقدني التركيز وسبّبَ الكسل أيضاً.
-إذن عزيزتي انتبهي ولا تدعي القلق يسيطر عليك ويُفقدك حياتك. إن القَلَقُ هو الاضْطِرَابُ، الانْزِعَاجُ، عَدَمُ الاسْتِقْرَارِ النَّفْسِيِّ، إحساسٌ بالضِّيق والحرج، وقد يصاحبه بعضُ الألم.
ويسبب أيضا الكسل..
اسمعي عزيزتي الامام الصادق عليه السلام العالم الأكبر وصاحب النظريات التي اكتشفها العلماء وقدموها بالعلم الحديث للناس، يقول إمام العلماء والفقهاء:
"إياك والضجر والكسل، فإنهما مفتاح كل سوء"، وقال عليه السلام: "الكسل يضر بالدين والدنيا".
والكسل هو التثاقل. والضجر: هو القلق والاضطراب من الغم.
انظري عزيزتي كم لدينا من الكنوز والدرر التي أفاض بها علينا أهل بيت الرحمة الذين منّ الله بهم علينا ونحن غافلين عنها، وقد أشاد وانتبه لها كثير غيرنا، يقول مالك بن أنس: (ما رأت عينٌ ولا سمعت أذنٌ ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً). (المناقب ج 4، ص 238).
وإمامنا الصادق صلوات الله عليه أشار إلى مضار الكسل والضجر بأحاديث كثيرة، فعنه عليه السلام: "إيّاك وخصلتين: الضجر والكسل، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ، وإن كسلت لم تودِّ حقّاً".
فمن الطبيعيّ جدّاً أنّ الكسول لا يستطيع القيام بحقوق نفسه ولا يقوم بما يلزم من عمل لنفعها فلا يؤدّي حقّها، فكيف لا يكون عاجزاً عن حقوق الآخرين؟
وأنت إن ركنتِ إلى ضجرك وسمحتِ بأن يُسيطر عليك ويُصيبك الكسل فإنك بذلك ضيعتِ حق نفسك وحق أسرتك.
فانتبهي عزيزتي وانقذي نفسك من ذلك.
-حقا ما تقوليه عزيزتي، ولكن ماذا أفعل وكيف أتغلب على ما قد أصابني؟
-حسناً عزيزتي هناك عِدة خطوات يذكروها للتغلب على ذلك وبالتأكيد لو عدتِ واستلهمتِ الحلول والقوة من أبواب العلم المُنقذين لنا رسولنا الأكرم وأهل بيته الكرام صلوات الله عليهم فستتغلبين على كل ما يواجهك من صعوبة..
بداية لابد أن تطمئني وتثقي تماماً بقدرته ولطفه تعالى ورعايته الدائمة لعباده، وإن وكلتيه أمورك فلن تخيبي..
ثم ما يُقلقك وأمرك وحياتك بيده، وإن الحياة من الطبيعي أن يكون بها بعض الصعوبات والتحديات فأعظم الخلق قد واجه الصعوبات والآلام وعاش اطمئنانه لرب رؤوف عطوف حكيم.
ومن الخطوات التي يذكرها علماء النفس ومنهم (ديل كارينجي) المعروف بمؤلفاته المفيدة يُعطينا أربع نصائح لكيفية تحطيم القلق:
- اشغل نفسك بما تحب، كممارسة الرياضة، قراءة الكتب، وغيرها من الأنشطة.
- صدّق الواقع الذي تعيشه وحاول التأقلم.
- راقب عقلك وإذا أحسست بأي أفكار سلبية قل لعقلك: توقف!
- عش يومك بدون النظر لما حصل في الماضي وما تتوقع حدوثه في المستقبل.
ويعطي نصائح للتخفيف عن النفس وقد تجعل الفرد سعيدا فيقول:
"املأ عقلك بأفكار عن الصحة، السلام والأمان، الحب والحنان، العائلة والصداقة…
لا تفكر في أي شخص من الممكن أن يضايقك في حياتك؛ لأنه ببساطة ليس للتفكير به أي قيمة تذكر، بل مضيعة للوقت ومسبب للقلق.
حاول أن تتفكر وتتدبر وتتمعن في نعم الله، واشكره واحمده دائماً".
وصادق العلوم صلوات الله وسلامه عليه ينهانا عن الكسل والضجر ويقول بأنهما يمنعان من الحظ في الدنيا والآخرة:
إياك والكسل والضجر فإنهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة. الكافي ج٥ ص٨٥ ح٢.
وهل بعد نهيه يصيبنا ذلك.
-شكرًا لك وشكرًا لوجودك، قد خفف عني كلامك، وسأغير من حالتي إن شاء الله.
-شكرًا لبارئنا المنعم علينا بهذه النعم العظيمة، وأسعدني أني استطعت التخفيف عنك وافادتك وعسى أن نكون جميعا بحال أفضل.
اضافةتعليق
التعليقات