بعض النوافذ حين تتيح لنفسك الجلوس أمامها طويلا تأسرك إليها، وتحددكَ بما فيها، وترسم لكَ صورا وتوهمكَ بأن هذا هو عالمك الصغير الذي رسمه القدر لكَ فلا مناص منه، وأنت تمارس التسليم بلا وعي وإدراك.
تلك الدقائق السلبية التي نركز عليها تغشي أعيننا عن رؤية كبار النعم والقدرات لدينا والتي تشكل جوهرا في حياتنا في الوقت الذي نغض الطرف عنها، جرعات السلبية هي السائدة في الحياة والسوشيال ميديا والأخبار والتلفاز وما يحويه من برامج، أفلام، مسلسلات، وغيرها، هذه الجرعات في حال تلقينا لها نبدأ بإلقاء اللوم على الاخرين، وإطلاق الأحكام على الناس، وحتى على أنفسنا، ونصل أن نلوم الأقدار، ونضع أنفسنا تحت طاولة المظلومية، وهذا لا يخرج لنا إلا بتواتر حزن الكون علينا، هذا كله غير مبرر لنُضيّع ملكَنا من الوقت المُشَكّل لأعمارِنا كما عَبرَ أمير المؤمنين عليه السلام.
ببساطة نستطيع أن نتعامل مع تلك الشحنات السلبية بصورة تقلل من حِديّتها وأثرها على حياتِنا، بتغلب الامتنان عليها!.
نعم الامتنان، أن تكون ممتنا لتلك الجزيئات الصغيرة في حياتك حتى تصل إلى أكبرها، ممتن لهذه اللحظة، لأخطائك في الماضي، لأصغر درس تعلمته، لأكثر ضربة آلمتك، هذه التفاصيل هي البنيان الخاص بشخصيتك وهي من أضفت عليك لمسة تفردك، وقد تكون هي السر الذي تتميز به مستقبلا، الإحساس بمِلك اللحظة التي نحن فيها، لماذا نخلط كل الأزمان ونعيشها في هذا المسمى الآن؟.
هذا الوقت هو لك وحتى وإن كان عليك فهو لا يستمر سينقضي سريعا مهما كان حزنا أو سعادة، هذه الدقيقة التي تقرأ بها الآن بمجرد أن تنتهي من قراءتك سوف تموت وتصبح ماضي، تذكر أقسى أزماتك قد عالجها مرور الزمن.
ابدأ من هذه اللحظة بإحصاء ما لديك من رأس الهرم، صحتك وعائلتك ومهنتك ونزولا إلى ما تملكه من أبسط الأشياء، حتى المشاعر، ما أنجزته، مواهبك، كل هذه الأمور كن ممتن لوجودها في حياتك، هذا الشعور بحد ذاته مهما كنتَ تظنه سطحيا إلا أنه له التأثير الكبير لإنعاش الروح الإيجابية داخلك، وتقليل من الحالة السلبية، حتى المواقف تتغير رؤيتك لها وتتصرف بحكمة أكبر بعيدا عن الأحكام المتسرعة، ففي وصف هذه الحالة يقول الإمام الهادي (عليه السلام): الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر، لأن النعم متاع، والشكر نعم وعقبى.
اضافةتعليق
التعليقات