الحب والأحترام بين الزوجين هو أساس لقاعدة متينة، تنهار أمامها كل المعوقات والمشاكل العفوية التي قد تحدث بعد الزواج، ومن المتعارف انتهاء العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عند اتخاذ قرارهما بالانفصال ليعود كل منهما للعيش بمفرده بعيدا عن الأخر, هذا هو ما اعتدنا على معرفته, إلا أن الطلاق في مجتمعنا الحالي قد أخذ شكلا جديدا يمكن اعتباره أخطر وأشد ضررا على الأسرة ويعرف هذا النوع: (بالطلاق الصامت).
هو حالة نشأت في مجتمعاتنا مؤخراً، ويعد أخطر وأشدُّ فتكاً على الأسرة من الطلاق. ففي هذه الحالة لا يكون هناك طلاق، بل يبقى عقد الزواج سارياً بين الزوجين، ولكن كلاً منهما يعيش بمعزلٍ عن الآخر في كل مناحي حياته، حتى أنهما لا ينامان في نفس الغرفة.
أن تظل حبيس علاقة منتهية الصلاحيَّة ولا تعرف كيف الخروج منها أو إنهاؤها بأي طريقة أمر قاتل، لتظل مرتبطاً اجتماعياً ومن أجل البروتكولات والمظاهر الخداعة.
وفي طبيعة الحال تتعرض العلاقات الزوجية للعديد من المشاكل نظرا لأن كل من الزوجين يختلف عن الآخر في جوانب عديدة, ولكن ما إن يفقد الزواج الأسس الضرورية التي يقوم عليها الزواج يبدأ بالإنهيار تدريجيا مما يؤدي إلى الطلاق. وتأتي هذه الحالة عند غياب المودة والرحمة والمحبة التي تُبنى عليها البيوت.
فتُنزعُ هذه الخِصال الحميدة من قلوب الزوجين؛ ولا يبقى لها إلا واجب التواجد سوياً، فأمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهما أكثر حبيبين هياماً ببعضهما، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة ويعودان إلى وجه الفراق القبيح، ليصبحا كموظفين في الحياة الزوجيَّة تجمعهما لقاءات عابرة والتزامات ماديَّة للحفاظ على شكلهما الاجتماعي والأسري أمام الآخرين.
وقد يستمر الطلاق الصامت بين الزوجين لفترات طويلة.
من أسباب الطلاق العاطفي (الصامت):
عادة تبدأ أزمة العلاقة الزوجيَّة من الخلافات والتوترات والمشاجرات بين الزوجين التي تتراكم وتنافر بينهما إلى حدِّ الذروة؛ لكنَّهما لا يصلان إلى الطلاق المباشر، بسبب مستقبل الأولاد، وكلام الناس، والخشية من واقع المطلق والمطلقة، فتكون النتيجة حالة من الطلاق التي تستمر فيها العلاقة الزوجيَّة أمام الناس فقط، لكنَّها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة الزوجية ومن تلك الأسباب:
_إهمال أحد الشريكين للآخر: بسبب عدم وجود اهتمامات مشتركة بين الزوجين.
_الصمت الزوجي: وهو أحد أوجه الجمود في العلاقة الزوجية وهو عدم تبادل الأحاديث والمشاعر الودية مع الطرف الآخر لقناعته بعدم جدوى الحوار معه وهذا يؤدي إلى زيادة الهوة بين الزوجين مما يهدد العلاقة الزوجية بالتمزق والانفصال.
_الأنانية: تساهم الأنانية في هدم قواعد الأسرة وهي أن يفكر كل من الزوجين بنفسه وبمصلحته فقط، دون مراعاة لمصلحة الطرف الآخر.
_فتور الحب وفقدانه: في هذه المرحلة يكثر اللوم والعتاب وتزداد حدة المحاسبة عن كل تقصير وإتهام بعدم تحمل المسؤولية.
_زعزعة الثقة وفقدانها:
في هذه المرحلة يفقد أحد الطرفين ثقته بالطرف الآخر فلا يأمن به وتهتز صورته أمامه.
ماهي الآثار السلبية للطلاق العاطفي أو (الصامت):
ـ زيادة الضغوط على الزوجين وهو ما يزيد من المشاعر السلبيَّة لكل منهما تجاه الآخر.
ـ فقدان كل من الزوجين الفرصة لبدء حياة جديدة.
ـ تصدير صورة سلبيَّة مشوهة للأبناء عن الزواج، والتفكك الأسري.
ـ زيادة المشكلات وتطورها ربما لشجار متواصل أمام الأبناء.
ـ يعقد الطفل مقارنات مستمرة بين أسرته المتفككة والحياة الأسريَّة التي يعيشها باقي الأطفال ما يولد لديه الشعور بالإحباط أو قد يكسبه اتجاها عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة.
كيف تتغلبين على الطلاق الصامت؟
- عليك أن تعترفي بهذه المشكلة وأن تكون هناك مكاشفة ومصارحة بينكما.
- يجب أن تلجأي للمختصين من خبراء العلاقات الزوجيَّة لطلب النصائح والمشورة، كالباحثات الأجتماعية، أو مختصين تنمية بشرية، فيما إذا اقتضت الضرورة.
- لا يوجد إنسان كامل فالكمال لله وحده فعليك أن تكوني أكثر صبراً وتحملا لعيوب زوجك لتستمر الحياة الزوجيَّة حتى حلِّ المشكلة.
- حاولي تطبيق النصائح المقدَّمة إليك والإصرار على إنجاح الحياة الزوجيَّة.
- المجتمع لا يقدِّم لك حلولا ولا مساعدة وقت الأزمة. لذا فلا يجب أن يكون هو العامل الأساسي في تحديد خياراتك.
-ضرورة انتباه الزوجين إلى علاقتهما في خضم مخاضها الصعب مع ظروف العيش التي تزداد تعقيداً كل يوم، وعليهما أن يتذكرا "نبتة العاطفة" ويحرصان على سقايتها كي تبقى يانعة، سائرة باتجاه الضوء الذي بدوره سيستجيب وينير بيتهما، لتتمتع العائلة كلها بالاستقرار والعطاء.
اضافةتعليق
التعليقات