متعجلهٌ دائما وعلى الجميعِ أن ينصاعَ ويذعن لسرعتها المفرطه تلك، تبدأ ومن ساعات الفجر الأولى وعند كل يوم، عندما يكون كل شيء جميلاً ومميزاً، الشمسُ الناعسة، أصوات الطيور التي تتعالى تدريجياً وكأنها توقظ بعضها البعض، اصوات السيارات، البائعين، أبواب المحلات التجارية، تمتمة كبار السن بالتسبيح والتهليل، أناقة التلاميذ الصغار وضحكاتهم، ومن ثم نحن..
فكل يسعى لمسعاه، كلنا مسرعين ونمضي في كل مرةٍ على عجلةٍ من أمرنا علنا نستطيع اللحاق بها، إنها عجلة الحياة، ونحن الخائفين من عدم اللحاق دوماً..
هذه الحياة أقصر من ان تمضي بالشكوى والضجر، أقصر من أن تمضي بالحيرة والمرارة، أقصر من أن تمضي بالكره والقطيعة.
في كل يوم وعند كل ساعة تمر أمامنا الكثير والكثير من المواقف فهذه تُضجرنا وهذه تفرحنا وأخرى ممكن أن تُبكينا، لكننا وعند كل مرة كان يجب علينا أن نمضي، نمضي مسرعين فنحن على عجلة من أمرنا دائما. فكم من الأهداف والطموحات المؤجلة لدينا، حتى أن مذكرة الهاتف أصابها الملل من كثر ما تزاحم فيها من الأماني والأحلام. فهذا اليوم سأفعل كذا والشهر القادم مخصص لكذا، بل ونؤجل حتى مشاعرنا احياناً فالوقت لا يسمح ان نبكي الآن، أو الموقف لا يستدعي أن نضعف وهكذا نمر وتمر أيامنا مسرعة.
ونحن نسرع معها ولا نعلم في أي محطة علينا أن نقف وعند أي مكان ستكون الاستراحة، ونسرع أيضا نأجل ونأجل من اجل شيء جديد استهوانا ونحن في رحلة البحث، ولا نعلم أن الأيام تلوكنا بعقارب ساعتها، والوقت له سيف لا يرحم من يأتي متأخر دائما.
هواتفنا مكتظة، عقولنا مكتظة، وقلوبنا حيرى تاهت طريق رشدها وكأنها أضلت الطريق فجأة.
متى نتوقف غير آبهين بعجلة الحياة اللعينه تلك والتي لطالما صرعوا أسماعنا بها، فلتمضي، فنحن سنتوقف هنا، نتوقف لنسمع أفكارنا التي اختفى صوتها في زحام تلك العجلة المسرعة دوما، حتى اننا لانعلم شيئا عن أولئك الذين تزاحموا عليها أملّهم الوصول بسرعة انهم يشبهونها تماما مسرعين ولايعلمون السبيل فقط مسرعين.
فلتمضي ليتنا لا نكترث فقلوبنا اصابها الأعياء، لننتظر علَ هناك عجلة أخرى تأتي لترشدنا مرادنا ولن تكون مسرعة، بل على العكس تماما تمشي بروية وبهدوء ولن تحمل في داخلها سوى اولئك الذين سكن الهدوء قلوبهم وهدأ ضجيج الحياة في عقولهم، أولئك الصامتين حلما وصبرا، الصامتين الذين أعياهم الجري خلف تلك العجلة ولم يلحقوا بها فأختاروا أن يهدأوا ويركنوا علَ القادم أفضل وكان بالفعل أفضل، أختاروا ان يصغوا لصوت القلب، فأوحت اليهم قلوبهم أن لا تخافوا لن يفوتكم شيء فقط اصبروا واصغوا بهدوء وبهدوء.
لم نأتِ لهذه الحياة لنشقى، لنتعب، لنبكي، الله لم يخلقنا عبثا وعبئا، نحن الأكرمين عنده وحاشاه أن يذُلنا، هو فقط يريد أن يعلمنا في كل مرة درس لنمضي بعثراتٍ أقل، يريد أن يرشدنا إليه فوضع أمامنا الطرق، فحتى وإن تاهت مساعينا في الوصول وتعثرت خطواتنا، واخطأت بوصلة حياتنا القرار فإننا حتما سنصل، سنصل بحبه ورشده، الله يضع في كل طريق شيئا يخبرنا به اننا في الأتجاه الصحيح.
فلنمشي بكل طرقنا وبكل مساعينا وأهدافنا بهدوء، لمَ كل هذا الضجيج والأزدحام، فبالسكون نمضي كلنا معا وتتسع طرقاتنا من غير أن يتأخر أحد أو يتأذى.
فبعض المحطات التي سنصل إليها لم تُعبّد بعد، فلنكن نحن من يعبّدها ويصقلها وفي كل مرة نصل فيها نمد أيدينا إلى من رمتهم سرعتهم على أرصفة اليأس والقنوط وتخلت عنهم تلك العجلة السريعة التي لا تُخلص لأحد أبدا.
لنترك لافتة مكتوبُ عليها: (ما أحوج العالم إلى الرحمة والأطمئنان) لتكن مرشدا لمن يأتي بعدنا، لنمضي على أثر من أعطى للرحمة عنوانها ونفخ فيها روحها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، اغرسوا الورد في طريقكم وأنتم ماضين واسقوها حبا وأملا علها تخبر من جاء بأثركم أنهم على المسار الصحيح، وأن امضوا مطمئنين.
فكلما كبر اطمأننا بالله كلما تقلص حجم ذلك الخوف بداخلنا والذي لطالما أوقف عقولنا وقلوبنا عند منتصف كل مسيرة، فما يلبث أن يمضي ويختفي.
وتتحقق تلك المقولة التي تقول: (متى ما تحررت من الخوف عندها ستدرك الحرية).
اضافةتعليق
التعليقات
العراق2019-05-23