شعور أن تبحث في جسدك عن سر ما ضائع أو شيء فر منك دون إدراك هو كشعور أن تنجح الأيام في جعلك شخصًا عاديًا وأنت الذي كنت تعتقد بأنك جئت من كوكب آخر ورُميت هنا بمحض الخطأ الفادح.
تحدق في المرآة طويلا متفحصا اياك وكأنك جرح هارب من ابرة الطبيب بينما تتلمس خطوط الزمن هل حقا كل هذا الوقت قد مر، تمر الضحكات بجانب أذني ثم ككل مرة تليها كلمة اللهم اجعله خيرا فقد ضحكنا كثيرا..
وكأنما الضحك لدينا بعده حزن محتم الوقوع ، أتساءل لما نحن نشعر أن كل السعادة إلى زوال، وحين نبلغها لانبلغ ذروتها خوفا من حزن قادم وهو مجرد تخيل في اذهاننا، وأن اللحظات التي نعيشها لن تتكرر بينما كل اللحظات التعيسة نأخذها على محمل الحزن ونضمها وكأنها شيئا من كياننا بل نبالغ فيها وكأنها ستبقى معنا إلى الأبد..
ماذا لو جعلنا من السعادة القليلة ذروة في السعادة والحزن التام حزن مبتور، ماذا لو كنا سعداء؟
حتما سيتغير كل مافينا إلى مالانتوقعه بل يجب ان نكون سعداء بلاسبب وسنجد أنفسنا سعداء بكل شيء حتى ولو كانت ابتسامة فهي ستأخذك نحو السعادة ودون ادراك ستجد أنك عالجت كثيرا من الأشياء فيك، مثلا يمكنك أن تجرب شيئا مختلفا وانت في طريق البحث عن السعادة، هل جربت أن تمارس حياتك بأن تندمج فيها كما يتعامل الطفل مع الحياة، فهو يتعامل مع كل ما حوله باستغراق واهتمام كامل دون أن يتأثر سلباً بما حوله.
هل جربت أن تجلس وتشاهد للحظات مسلسل كرتوني؟ هل فكرت باللهو واللعب مع أقاربك من الأطفال والاستمتاع في جو الترفيه معهم؟ لا تتردد فتلك الممارسات ليست عيباً، بل إن الناجحين كثيراً ما تقمصوا دور الأطفال في أوقات فراغهم. جرب ولن تندم.
بعض الناس يتخوف من تجربة الجديد دون مبرر لأنه أسهل في التعامل، ولأنه لم يجرب الجديد، ولربما يكون الجديد أفضل من القديم بكثير وهو يحتاج إلى جرأة وتجربة منك فقط وكن واثقاً بأن حياتك مع الجديد ستكون أكثر راحة وهدوءاً.
إضحك فلا شيء يستحق أن تفسد ذاتك ومعالمك من أجله بل ربما لاتعلم أن الضحك الذي يعتبره الكثير من الناس أن بعده حزنا محتم هو العكس بل وعلاج لكثير من الأمراض أبرزها يبدأ بذاتنا واحيائنا من جديد.
الضحك علاج للشدة النفسية
لعلك سمعت بالشحنات النفسية العظيمة التي يحصل عليها العداؤون بعد إنهائهم دورة من الركض في الملعب. إن هرمونات الأندورفين endorphins (هرمونات السعادة) التي تنطلق في دم هؤلاء الرياضيين بعد جولة من الرياضة العنيفة هي ذاتها التي تتواجد في الجسم بعد نوبة من الضحك، وهي المسؤولة عن الانفراج النفسي واختفاء التوتر العضلي بعد كل إصابة بالشدة، ولفترة لا تقل حسب إحدى الدراسات عن 45 دقيقة.
ولعل الضحك هو أفضل (وأرخص) وسيلة للخلاص من الهموم والأشجان والأفكار السوداء، فلا يمكن لأحدنا أن يضحك وهو قلق، أو غضبان أو حزين، ولعل الضحك هو أفضل وسيلة لتجميع القوى بعد حصول مصيبة، والبداية من جديد بنظرة واقعية ومتفائلة، ولعله من أفضل الوسائل للحفاظ على الانسجام النفسي والعاطفي.
وأيضا للضحك فوائد اجتماعية لاتحصى، فهو يمتن أواصر الصداقة بين الناس، ويخفف من التأثير السلبي الذي تسببه الخلافات والانتقادات وخيبات الأمل، ويعين على تحمل المصائب المشتركة، ويسمح للإنسان أن ينسى أحقاده، ويتحرر من الخجل والخوف في التعبير عن آرائه أمام الغير، ويحسن من أداء العاملين في المؤسسات. ولعل عدوى الضحك بين البشر أقوى من عدوى العطاس والسعال.
ويقول الدكتور بروفين إن الاستعداد للضحك يتزايد بقدر ما يكون المرء اجتماعيا، ولعل صفات خفة الظل وحضور النكتة وصفاء السريرة، لذلك.. إذهب حيث يرتاح قلبك، إذهب حيث ترغب أنت، كن جزءاً من شيء يعجبك أنت وإن كنت فيه..
يقول "بابلو كويلهو": يشعر بعض الأشخاص بالحزن، لكونهم سجناء ماضيهم، يعتقد الجميع بأن الاستمرارية في الحياة لا تجوز إلّا بوجود خطة مسبقة. لم يتسائلون مطلقاً ما إذا كانت هذه الخطة من صنعهم أم من صنع الآخرين. لقد جمعوا أفكار وخبرات الآخرين، وكان الأمر أصعب من أن يتعامل معه المرء. ولهذا السبب تخلى البعض عن أحلامه.
يجب أن نضع خططنا بأنفسنا فنحن كما هم بذات الصفات وليس المهم أن تكون خطة مسبقة بل يمككنا وضع خطة آنية أو التصرف بعفوية فحقا الحياة ليست بذاك التعقيد الذي نظنه بل أسهل بكثير وربما تكون ذروة السعادة تكمن بإسعاد شخص آخر أو ربما بما نحن عليه ولكننا ننظر للبعيد فلا نرى حقا سعادتنا، كما قال وليد الكعبة الامام علي (عليه السلام): (سعادة المرء القناعة والرضا).
اضافةتعليق
التعليقات