ذلك الرجلُ العظيم الذي لم يعرفهُ سوى الله ورسوله تمتم كلمات على تراب قبر يحوي أعظم جسد ألا وهو جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ، وَأُخِذَتِ الرَّهِينَةُ، وَأُخْلِسَتِ الزَّهْرَاءُ، فَمَا أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ وَالْغَبْرَاءَ). فما حال أمير المؤمنين عليه السلام عندما وسد الزهراء في قبرها سراً وليلاً بعيداً عن أعين من آذوها وغصبوها حقها.. لهفي له حين قال: (قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي، وَعَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي) تُرى أيُ صبراً حواهُ قلبك يا علي حين رأيت ضلعها مكسورا وعينها مُحمرة، لا أعلم أيُ شعور اعتراك حين أهلت عليها التراب. يُخيلُ لي أنك حين انصرفت عنها بعد دفنها قد تركت قلبك قُربها لا بل معها.. أوَ لست القائل :
(يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ، وَأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ، وَهَمٌّ لَا يَبْرَحُ مِنْ قَلْبِي أَوْ يَخْتَارَ اللَّهُ لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا مُقِيمٌ، كَمَدٌ مُقَيِّحٌ، وَهَمٌّ مُهَيِّجٌ، سَرْعَانَ مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا، وَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو) فكان فراقها همّ لا يبرح من قلبك وحزنك عليها سرمد باقي ما بقيت في الحياة؛ إذ سُألت في معركة الجمل عندما نظر إليك أحد المقاتلين معك ورأى محاسنك قد اعتراها المشيب فقال لك: يا أبا الحسن لولا خضبتها فأجبته عندها قائلاً: ألا تعلم أننا في عزاء.
وهذا يدل على حزنك السرمدي إذ بعد ما يقارب 35 سنة على استشهادها عليها السلام والعزاء لازال سرمدي عندك يا مولاي .
ويتبادر في نفوس مُحبيكم يا مولاي، أين ذلك القبر؟ أين قبر فاطمة؟ تاقت نفوسنا وتلهفت أرواحنا لزيارة مقامها، كم نود أن نقرأ الزيارة ونحن جالسين قرب قبرها، كم نشتاق أن نشم ذلك التراب الذي يضم جسدها الطاهر. لاشك أن عطرها يعم كل أرجاء المكان الذي دُفنت فيه والمحب المخلص يشم ذلك العطر ويتبعه حتى يصل إلى مكان قريب منها .
سيظهر.. نعم سيظهر قائم آل محمد مهدي الزمان ومعه ثأر الضلع والجنين.. سيظهر.. وسيبني لها صرحاً شامخاً ومقاماً يُزهر لأهل الأرض كما كانت هي تُزهر لأهل السماء، سيظهر ويجعل لمرقدها قُبةً شماء ويكتب على مقامها: (هنا دُفنت أمي الزهراء)، سيظهر وسيقيم لها مجلساً يجتمع فيه جميع محبيها لإقامة العزاء لها.
والسؤال الذي طالما تردد في العقل، متى؟!
اضافةتعليق
التعليقات